التّفسير
استمسك بالذي أوحي إليك:
متابعة للآيات السابقة التي كانت تتحدث عن الكفّار المعاندين الظالمين الذين لا أمل في هدايتهم، تخاطب هذه الآيات نبيّ الإِسلام الأكرم (ص) مهدّدة الكفار أشدّ تهديد من جانب، ومسليّة خاطر النّبي (ص)، فتقول: (فإمّا نذهبن بك فإنّا منهم منتقمون).
وسواء كان المراد من الذهاب بالنّبي (ص) من بين أُولئك القوم وفاته أم هجرته من مكّة إلى المدينة، فإنّه إشارة إلى أنّك حتى وإن لم تكن شاهداً وناظراً لأمرهم، فإنّا سنعاقبهم أشدّ عقاب إن استمروا في طريق ضلالتهم وغيهم، لأنّ "الإنتقام" في الأصل يعني الجزاء والعقوبة، وإن كان المستفاد من آيات قرآنية عديدة أُخرى - نزلت في هذا المعنى - إن المراد من الذهاب بالنّبي (ص) وفاته، كما جاء في الآية (46) من سورة يونس: (وإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثمّ الله شهيد على ما يفعلون).
وجاء هذا المعنى أيضاً في سورة الرعد - الآية 40، وسورة غافر - الآية 77، وعلى هذا فإنّ تفسير الآية بالهجرة لا يبدو مناسباً.
﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ يُعْبَدُونَ﴾ نتوفينك قبل تعذيبهم ﴿فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ﴾ بعدك في الآخرة أو الدنيا.