التّفسير
الفراعنة المغرورون ونقض العهد:
في هذه الآيات إشارة إلى جانب ممّا جرى بين نبيّ الله موسى بن عمران (ع) وبين فرعون، ليكون جواباً لمقالة المشركين الواهية بأن الله إن كان يريد أن يرسل رسولاً، فلماذا لم يختر رجلاً من أثرياء مكّة والطائف لهذه المهمّة العظمى؟
وذلك لأنّ فرعون كان قد أشكل على موسى نفس هذا الإِشكال، وكان منطقه عين هذا المنطق، إذ جعل موسى في معرض التقريع والتوبيخ والسخرية للباسه الصوفي، وعدم امتلاكه لأدوات الزينة، فقالت الآية الأولى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون ومَلائه فقال إنّي رسول ربّ العالمين).
المراد من "الآيات": المعجزات التي كانت لدى موسى، والتي كان يثبت حقانيته بواسطتها، وكان أهمها العصا واليد البيضاء.
"الملاء" - كما قلنا سابقاً - من مادة الملأ، أي القوم أو الجماعة الذين يتبعون هدفاً واحداً، وظاهرهم يملأ العيون لكثرتهم، وقرآنياً فإنّ هذه الكلمة تعني الأشراف والأثرياء أو رجال البلاط عادة.
والتأكيد على صفة: (ربّ العالمين) هو في الحقيقة من قبيل بيان مدعى مقترن بالدليل، لأنّ ربّ العالمين ومالكهم ومعلمهم هو الوحيد الذي يستحق العبوديّة، لا المخلوقات الضعيفة المحتاجة كالفراعنة والأصنام!
ولنرَ الآن ماذا كان تعامل فرعون وآل فرعون مع الأدلة المنطقية والمعجزات البينة لموسى (ع) ؟
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.