ولئلا يتوهموا أنّ الله سبحانه محتاج لعبوديتهم، وأنّه يصر عليها، فإنّه تعالى يقول في الآية التالية: (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) ملائكة تخضع لأوامر الله، ولا تعرف عملاً إلاّ طاعته وعبادته.
واختار جمع من المفسّرين تفسيراً آخر للآية، يصبح معنى الآية على أساسه: ولو نشاء لجعلنا أبناءكم ملائكة يخلفونكم في الأرض.
بناء على هذا فلا تعجبوا من أن يولد المسيح من دون أب، فإنّ الله عزَّوجلّ قادر على أن يخلق ملكاً من الإِنسان، وهو نوع يختلف عنه (7).
ولما كان تولد الملك من الإِنسان لا يبدوا مناسباً، فقد فسّره بعض كبار المفسّرين بولادة الأبناء الذين يتمتعون بصفات الملائكة، وقالوا: إن المراد: لا تعجبوا من أن تكون لعبد كالمسيح القدرة على إحياء الموتى، وإبراء المرضى بإذن الله، وهو في الوقت نفسه عبد مخلص مطيع لأمر الله، فإنّ الله قادر على أن يخلق من ابنائكم من تكون فيه كل صفات الملائكة وطبائعهم (8).
إلاّ أن التّفسير الأوّل ينسجم مع ظاهر الآية أكثر من الجميع، وهذه التفاسير بعيدة (9).
﴿وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم﴾ بدلكم أو أولدنا منكم يا بشر ﴿مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ يقومون مقامكم والغرض بيان كمال قدرته وأن كون الملائكة في السماء لا يوجب لهم الألوهية.