بعد هذا الكلام ذكرت الآية دليلاً واضحاً على نفي هذه الادعاءات، فقالت:
(سبحان ربّ السماوات والأرض ربّ العرش عما يصفون) فإنّ من كان مالكاً للسماوات والأرض ومدبراً لها، وربّاً للعرش العظيم، لا يحتاج إلى الولد، فهو الوجود اللامتناهي، والمحيط بكل عالم الوجود، ومربي كل عالم الخلقة، بل يحتاج الولد من يموت، ولا يستمر وجوده إلاّ عن طريق الولد.
الولد لازم لمن يحتاج العون والأنس في وقت العجز والوحدة.
وأخيراً فإن وجود الولد دليل على الجسمانية والانحصار في حيّز الزمان والمكان.
إنّ ربّ العرش، والسماء والأرض، والمنزّه عن كل هذه الأُمور، غني عن الولد.
والتعبير بـ (رب العرش) بعد (رب السماوات والأرض) من قبيل ذكر العام بعد الخاص، لأنّ العرش - وكما قلنا سابقاً - يقال لمجموع عالم الوجود، والذي هو عرش حكومة الله عزَّ وجلّ.
ويحتمل أيضاً أن يكون العرش إشارة إلى عالم ما وراء الطبيعة، فيكون في مقابل السماوات والأرض التي تشير إلى عالم المادة.
لمزيد الإِطلاع على معنى العرش، راجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (255) من سورة البقرة، وأوسع منه ما جاء في ذيل الآية (7) من سورة المؤمن.
﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ بنسبة الولد إليه.