ثمّ تقول مبينة للصفة الثالثة (ربّ السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم مؤقنين) (9) (10) لمّا كان كثير من المشركين يعتقدون بوجود آلهة وأرباب عديدين، وكانوا يظنون أن لكل موجود من الموجودات إله.
ولمّا كان التعبير بـ (ربّك) في الآية السابقة يمكن أن يوهم أن ربّ النّبي (ص) غير ربّ الموجودات الأُخرى، فإن هذه الآية أبطلت كل هذه الأوهام بجملة (ربّ السماوات والأرض وما بينهما) وأثبتت أن ربّ كل موجودات العالم واحد.
وجملة (إن كنتم موقنين) التي وردت هنا بصيغة الجملة الشرطية، تبعث على التساؤل: هل أن كون ربّ العالم ربّاً، مشروط بمثل هذا الشرط؟
الظاهر أن المراد من ذكر هذه الجملة هو بيان أحد معنيين أو كليهما:
الأوّل: إذا كنتم طلاب يقين، فإنّ السبيل إلى ذلك هو أن تتفكروا في ربوبية الله المطلقة.
والآخر: إذا كنتم من أهل اليقين فإن أفضل مورد لتحصيل هذا اليقين هو أن تتفكروا في آثار رحمة الله، فإنّكم إذا نظرتم إلى الآثار في كل عالم الوجود دلتكم على أن الله ربّ كل شيء، وإذا فلقتم قلب كل ذرّة رأيتم فيه دلالة على هذه الربوبية، ثمّ إذا لم توقنوا بعد هذا بكونه تعالى رباً، فبأي شيء في هذا العالم يمكن أن توقنوا وتؤمنوا؟
﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ﴾ بشيء فأيقنوا بذلك.