وبعد وقوع القيامة تبدأ مرحلة الحساب وقياس الأعمال بميزان خاصّ بيوم القيامة: (فمن ثقلت موازينه فاُولئك هم المفلحون).
"الموازين" جمع "ميزان" وهو وسيلة للقياس.
وكما قلنا سابقاً: إنّ الميزان لا يعني ما نعرفه في هذه الدنيا لوزن الموادّ، إنّ الميزان في هذه الآية يعني وسيلة ملائمة لقياس قيمة أعمال الإنسان، أي: للميزان مفهوم واسع يشمل جميع وسائل القياس.
وكما ورد في الأحاديث المختلفة أنّه ميزان تقاس به الأعمال والناس، وهم قادة الإسلام الكبار، في الحديث: "إنّ أمير المؤمنين والأئمّة من ذريته هم الموازين"(1).
وعلى هذا فإنّ الرسل وأوصياءهم هم الذين يقاس الناس وأعمالهم بهم، ليتبيّن إلى أي درجة يشبهونهم.
وبهذا يتميّز الناس ثقيلهم من خفيفهم، وثمينهم من تافههم، وعالمهم من جاهلهم.
كما يتّضح لنا سرّ ذكر الموازين بصيغة الجمع، لأنّ قادة الناس الكبار في السابق - وهم موازين القياس - قد تعدّدوا في التاريخ.
ويمكن أن يكون الأنبياء والأئمّة وعباد الله المخلصون قدوة في مجال معيّن أو أكثر على وفق الظروف التي مرّوا بها، فاشتهروا ببعض الصفات دون أُخرى، فواحدهم ميزان بما إشتهر به من حسنات وخصال حميدة.
﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ بالطاعات ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون بالمراد.