لقد خاطبهم موسى (ع) بأُسلوبه المؤدب جدّاً، المليء بالود والمحبة، فقال: (أن أدوا إليّ عباد الله).(2)
وطبقاً لهذا التّفسير، فإنّ (عباد الله) بحكم المخاطب، والمراد منهم الفراعنة، وبالرغم من أنّ هذا التعبير يستعمل في آيات القرآن في شأن العباد الصالحين، إلا أنّه أطلق أيضاً في موارد عديدة على الكفار والمجرمين، من أجل تحريك وجدانهم، وجذب قلوبهم نحو الحق (3).
بناء على هذا، فإنّ المراد من (أدّوا) إطاعة أمر الله سبحانه وتنفيذ أوامره.
وقد ذكر جماعة من المفسّرين تفسيراً آخر لهذه الجملة، فقالوا: المراد من (عبادالله) بنو إسرائيل، ومن (أدّوا) إيداعهم بيد موسى، ورفع الذلة والعبودية عنهم، كما جاء في الآية (17) من سورة الإِسراء (أن أرسل معنا بني إسرائيل) وورد نظير هذا المعنى في الآية 105 - الأعراف، و 47 - طه أيضاً.
والأمر الذي لا ينسجم مع هذا التّفسير، هو أن جملة (أدّوا) تستعمل عادة في أداء الأموال والأمانات والتكاليف، لا في مورد إيداع الأشخاص، ويتّضح هذا الموضوع جيداً بملاحظة موارد استعمال هذه الكلمة.
وعلى أية حال، فإنّه يضيف في بقية الآية (إنّي لكم رسول أمين) وذلك لنفي كل اتهام عن نفسه.
إنّ هذا التعبير - في الحقيقة - داحض للإتهامات الباطلة التي ألصقها به الفراعنة، كالسحر، والسعي إلى التفوق واستلام الحكم في أرض مصر، وطرد أصحابها الأصليين، والتي أشير إليها في الآيات المختلفة.
﴿أَنْ﴾ بأن أو أي ﴿أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ أرسلوهم معي أو أدوا إلى ما آمركم به من الطاعة والإيمان ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ على ما حملته من الرسالة.