وتشير الثالثة إلى ملابسهم الجميلة، فتقول: (يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين).
"السندس" يقال للأقمشة الحريرية الناعمة الرقيقة، وأضاف البعض قيد كونها مذهَّبة.
و"الإستبرق" هي الأقمشة الحريرية السميكة، ويعتقد بعض المفسّرين وأهل اللغة أنها معربة من الكلمة الفارسية (أستبر) أو (ستبر) أي السميك.
ويحتمل أن يكون أصلها عربياً مأخوذاً من البرق أي التلألؤ، حيث أنّ لهذه الأقمشة بريقاً خاصّاً.
طبعاً، ليس في الجنّة حرّ شديد أو برد قارص ليتوقاه أهل الجنّة بارتداء هذا الملابس، بل هذه إشارة إلى الألبسة المتنوعة المعدة لهم.
وكما قلنا سابقاً، فإنّ كلماتنا وألفاظنا - هذه التي وضعت لرفع حاجات الحياة اليومية في دنيانا - عاجزة عن وصف مسائل ذلك العالم الكامل العظيم، بل هي قادرة على الإشارة إليها وحسب.
واعتقد البعض أنّ اختلاف هذه الألبسة إشارة إلى تفاوت مقامات القرب بين أصحاب النعيم.
ثمّ إنّ كون أهل الجنّة متقابلين مع بعضهم البعض، وزوال أي تفاوت وتكبر لأحد على آخر، إشارة إلى روح الأُنس والأخوة التي تسود مجالسهم، تلك المجالس والحلقات التي لا يرى فيها إلاّ الصفاء والمودّة وتسامي الروح.
﴿يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ﴾ ما دق من الحرير ﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾ ما غلظ منه ﴿مُّتَقَابِلِينَ﴾ على الأسرة للاستئناس.