وتذكر الآية الآتية مصير من يقع في الطرف المقابل لأُولئك السابقين، فتقول: (وأمّا الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين).
وممّا يلفت النظر أنّ الكلام في هذه الآية عن الكفر فقط، وأمّا أعمال السوء التي هي عامل الدخول في عذاب الله وسببه فلم يجر لها ذكر، وذلك لأنّ الكفر وحده كاف لأنّ يدخل صاحبه العذاب، أو لأنّ التعبير بالمجرمين في ذيل الآية كاف لبيان هذا المعنى.
والنكتة الأُخرى هنا أنّه لم يرد كلام عن عقوبات الجحيم، بل الكلام عن التوبيخ الإلهي لهم وتقريعهم، وهو يعتبر أشد العذاب وأكبره، وتهون معه الجحيم كلّ عذابها.
وهنا نكتة تستحق الإنتباه، وهي: أنّه يستفاد من هذه الآية أنّ الله سبحانه لن يعذب أحداً من دون أن يبعث الأنبياء ويرسل الرسل وينزل آياته - أو كما يصطلح عليه تأكيد أحكام العقل بأحكام الشرع - وهذا منتهى لطفه ورحمته سبحانه.
وآخر ملاحظة هي أنّ أكبر مشاكل هؤلاء القوم هو استكبارهم على آيات الله من جهة، وتماديهم في المعصية والإجرام من جهة أُخرى، وهذا يستفاد من جملة (وكنتم قوماً مجرمين).
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فيقال لهم ﴿أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ عن قبولها ﴿وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ﴾ بتكذيبها.