ثمّ يقول سبحانه: إِنّ هؤلاء وإِن تظاهروا بمظهر الأصدقاء لكم إِلاّ أنّهم أعداؤكم الحقيقيون (والله أعلم بأعدائكم).
وأية عداوة أشدُّ وأكثر من أن يكرهوا هدايتكم ويخالفوا سعادتكم، تارة باللسان وتارة عن طريق إِظهار النصح، وثالثة عن طريق الذم، ويجتهدون في تحقيق أهدافهم المشؤومة في كل ظرف وزمان بنحو خاص، وشكل معين.
ولكن لا تخافوا عداوتهم أبداً ولا تستوحشوا لمواقفهم المعادية فلستم وحدكم في الميدان، فكفاكم أنّ الله قائدكم ووليكم وناصركم: (وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً).
لأنّه لا يمكنهم أن يفعلوا شيئاً، فإذا تجاهلتم أحاديثهم ووساوسهم لم يبق أي مجال للخوف والقلق.
ثمّ إنّه يستفاد من عبارة: (أوتوا نصيباً من الكتاب) أنّ ما كان عندهم من الكتاب لم يكن كل ما في الكتاب السماوي "التوراة"، بل كان بعضه وقسماً منه، وهذا يتفق مع حقائق التاريخ المسلمة أيضاً، تلك الحقائق التي تؤكد ضياع أو تحريف أقسام من التوراة الحقيقية مع مضي الزمن.
﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ﴾ منكم ﴿بِأَعْدَائِكُمْ﴾ وقد أخبركم بهم فاحذروهم ﴿وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا﴾ يلي أمركم ﴿وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا﴾ يعينكم.