ولمّا كانت حشود العدو العظيمة، وأنواع معداتهم وتجهيزاتهم قد تشغل فكر المجاهدين في سبيل الله أحياناً، فإنّ الآية التالية تضيف: (والذين كفروا فتعساً لهم وأضلّ أعمالهم) (1).
"تعس" - على وزن نحس - بمعنى الإنزلاق والهوي، وما فسّره البعض بأنّه الهلاك والإنحطاط، فهو لازمه في الواقع لا معناه.
وعلى كلّ حال، فإنّ المقارنة بين هذين الفريقين عميقة المعنى جدّاً، فالقرآن يقول في شأن المؤمنين (يثبّت أقدامهم) وفي شأن الكافرين (أضلّ أعمالهم) وبصيغة اللعنة، ليكون التعبير أبلغ وأكثر جاذبية وتأثيراً.
نعم، إنّ الكافرين إذا انزلقوا وزلّت أقدامهم، فليس هناك من يأخذ بأيديهم لينقذهم من الهلكة، بل إنّهم سينحدرون إلى الهاوية سريعاً وبسهولة، أمّا المؤمنون، فإنّ ملائكة الرحمة تهب لنجدتهم ونصرتهم، ويحفظونهم من المنزلقات والمنحدرات، كما نقرأ ذلك في موضع آخر، حيث تقول الآية (30) من سورة فصلت: (إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزل عليهم الملائكة).
إنّ أعمال المؤمنين مباركة، أمّا أعمال الكافرين فإنّها بائرة ولذلك فهي تزول وتفنى سريعاً.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ﴾ أي تعسوا تعسا دعاء عليهم بالعثور والتردي في جهنم ﴿وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ عطف على تعسوا المقدر.