وتبيّن الآية التالية علّة سقوط هؤلاء، وجعل أعمالهم هباءً منثوراً، فتقول: (ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم).
لقد أنزل الله سبحانه دين التوحيد قبل كلّ شيء، إلاّ أن هؤلاء نبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا نحو الشرك.
لقد أمر الله سبحانه بالحق والعدالة، والعفّة والتقوى، غير أنّهم أعرضوا عنها جميعاً، واتجهوا صوب الظلم والفسّاد، بل إنّهم تشمئز قلوبهم إذا ذكر اسم الله تعالى وحده: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة) (2).
وإذا كان هؤلاء يتنفّرون من هذه الأُمور، فمن الطبيعي أن لا يخطوا خطوة في هذا المسير، ولقد كانت كلّ مساعيهم وجهودهم في مسير الباطل وخدمته، فمن الطبيعي أيضاً أن تحبط كلّ هذه الأعمال.
وجاء في حديث عن الإمام الباقر (ع): "كرهوا ما أنزل الله في حق علي" (3).
ومعلوم أنّ لتعبير (ما أنزل الله) معنى واسعاً، ومسألة ولاية أمير المؤمنين علي (ع) أحد مصاديقه الواضحة، لا أنّ معناه منحصر فيها.
﴿ذَلِكَ﴾ التعس والإضلال ﴿بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ من القرآن والأحكام أو ما أنزل في حق علي (عليه السلام) كما عن الباقر (عليه السلام) ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾.