التّفسير
الذين يموتون على الكفر لن يغفر الله لهم:
بعد البحوث المختلفة التي دارت حول المنافقين في الآيات السابقة، تبحث هذه الآيات وضع جماعة أُخرى من الكفار، فتقول: (إنّ الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله وشاقوا الرّسول من بعد ما تبيّن لهم الهدى لن يضرّوا الله شيئاً وسيحبط أعمالهم) حتى وإن عملوا خيراً، لأنّه لم يكن مقترناً بالإيمان.
هؤلاء يمكن أن يكونوا مشركي مكّة، أو الكفار من يهود المدينة، أو كليهما، لأنّ التعبير بـ"الكفر"، و"الصد عن سبيل الله"، و (شاقّوا الرسول) قد ورد بحقّ الفريقين في آيات القرآن الكريم.
أمّا "تبيّن الهدى"، فقد كان عن طريق المعجزات بالنسبة إلى مشركي مكّة، وعن طريق الكتب السماوية بالنسبة إلى أهل الكتاب.
و"إحباط أعمالهم" إمّا أن يكون إشارة إلى أعمال الخير التي قد يقومون بها أحياناً كإقراء الضيف، والإنفاق، ومعونة ابن السبيل، أو أن يكون إشارة إلى عدم تأثير خطط هؤلاء ومؤامراتهم ضد الإسلام.
وعلى أية حال، فقد كان هؤلاء الجماعة متّصفين بثلاث صفات: الكفر، والصد عن سبيل الله، والعداء للنبي (ص)، إذ كانت إحداها تتعلق بالله سبحانه، والأُخرى بعباد الله، والثالثة برسول الله (ص).
﴿إن إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ﴾ خالفوه ﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى﴾ وهو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر ﴿لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ وإنما ضروا أنفسهم ﴿وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾ بكفرهم.