ولقد كان اليهود والنصارى في صدر الإِسلام يعانون - أيضاً - من هذا الإِحساس والشعور الخاطىء وهذا الوهم، ولهذا كانوا يستثقلون الخضوع أمام حقائق الإِسلام، ولهذا السبب شدد القرآن الكريم النكير - في الآية اللاحقة الثانية - على هذا التصور وشجب هذا الوهم، وهم التفوق العنصري، ويعتبره نوعاً من الكذب على الله والإِفتراء عليه سبحانه، ومعصية كبرى وذنباً بيّناً إِذ يقول سبحانه: (انظر كيف يفترون على الله الكذب، وكفى به اثماً مبيناً) أي أنظر كيف أن هذه الجماعة بافتعالها لهذه الفضائل وادعائها لنفسها من ناحية، ونسبتها إِلى الله من ناحية أُخرى، تكذب على الله، ولو لم يكن لهذه الجماعة أي ذنب إلاّ هذا لكفى في عقوبتهم.
يقول الإِمام علي(عليه السلام) في حديثه المعروف لـ "همام" الذي يذكر فيه صفات المتقين:
"لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشتفقون إِذا زكى أحد منهم خاف ممّا يقال له فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري وربّي أعلم بي من نفسي، اللّهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل ما يظنون، واغفرلي ما لا يعلمون".
﴿ انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ﴾ في زعمهم أنهم أزكياء عنده ﴿وَكَفَى بِهِ﴾ بزعمهم هذا ﴿إِثْمًا مُّبِينًا﴾ بينا.