ولتبيان تعلّق أغلب الناس بأموالهم وثرواتهم الشخصية تضيف الآية التالية: (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم).
"يحفكم" من مادة إحفاء، أي: الإصرار والإلحاح في المطالبة والسؤال، وهي في الأصل من حفأ، وهو المشي حافياً، وهذا التعبير كناية عن الأعمال التي يتابعها الإنسان إلى أبعد الحدود، ومن هنا كان إحفاء الشارب يعني تقصيره ما أمكن.
و"الأضغان" جمع ضغن، وهو بمعنى الحقد الشديد، وقد أشرنا إليه سابقاً.
وخلاصة القول: فإنّ الآية تبيّن التعلّق الشديد لكثير من الناس بالأُمور المالية، وهي في الحقيقة نوع من اللوم ولتوبيخ لهؤلاء، وفي نفس الوقت ترغيب في ترك هذا الإرتباط، وتشويق إلى هذا المعنى، فإنّ تعلّقهم بلغ حدّاً أنّ الله سبحانه إذا سألهم شيئاً من أموالهم فإنّهم يغضبون ويحقدون عليه!
وبذلك فإنّ الآية تريد أن توقظ أرواح البشر الغاطّة في نومها العميق بسوط التقريع والملامة والعتاب، ليرفعوا عن أعناقهم قيود الذل والعبودية للأموال، ويصبحوا في حال يضحّون عندها بكلّ ما لديهم في سبيل الله، ويقدّمون ما عندهم بين يديه، ولا يرجون في مقابل ما يعطون إلاّ الإيمان به وتقواه ورضاه عنهم.
﴿إِن يَسْأَلْكُمُوهَا﴾ كلها ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾ فيجهدكم بطلبها ﴿تَبْخَلُوا﴾ فتمنعوها ﴿وَيُخْرِجْ﴾ البخل أو الله ﴿أَضْغَانَكُمْ﴾ على الرسول ودينه.