التّفسير
يخرج الجميع أحياءً عند صيحة القيامة:
هذه الآيات محلّ البحث التي تختتم بها سورة - "ق" كسائر آياتها تتحدّث على المعاد والقيامة كما أنّها تعرض جانباً منهما أيضاً وهو موضوع النفخة في الصور، وخروج الأموات من القبور في يوم النشور ..
فتقول: (واستمع يوم ينادِ المنادِ من مكان قريب ... يوم يسمعون الصيحة بالحقّ ذلك يوم الخروج).
والمخاطب بالفعل "استمع" هو النّبي (ص) نفسه إلاّ أنّه من المسلّم به أنّ المقصود جميع الناس.
والمراد من "استمع" إمّا هو الإنتظار والترقّب، لأنّ من ينتظر حادثة تبدأ بصوت مهول يُرى في حالة ترقّب دائماً، فهو منتظر لأن يسمع الصوت; أو هو الإصغاء إلى كلام الله فيكون المعنى "استمع كلام الله" إذ يقول: يوم يسمعون الصيحة الخ(1).
لكن من هو هذا المنادي؟ يحتمل أن يكون الذات المقدّسة جلّ وعلا، ولكن الإحتمال الأقوى هو "إسرافيل" الذي ينفخ في الصور .. وقد وردت الإشارة في آيات القرآن إليه لا بالإسم بل بتعبيرات خاصّة.
عبارة (من مكان قريب) إشارة إلى أنّ هذه الصيحة ينتشر صداها في الفضاء بدرجة أنّها كما لو كانت في أُذن كلّ أحد، وجميعهم يسمعونها بدرجة واحدة من القرب.
نحن اليوم نستطيع أن نسمع كلام أي إنسان وفي أيّة نقطة كان بوسائل مختلفة فكأنّ المتكلّم على مقربة منّا، ويتحدّث معنا، إلاّ أنّ يوم القيامة يسمع الناس كلّهم الصيحة دون حاجة إلى مثل هذه الوسائل وهي قريبة منهم(2).
﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ﴾ إسرافيل أو غيره ﴿مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ بحيث يسمع الكل على حد سواء.