التّفسير
ضيوف إبراهيم (ع):
من هذا المقطع - فما بعدُ - يتحدّث القرآن في هذه السورة عن قصص الأنبياء الماضين والاُمم المتقدّمة تأكيداً وتأييداً للموضوع آنف الذكر وما حواه من مسائل، وأوّل جانب يثيره هذا المقطع هو قصّة الملائكة الذين جاءوا لعذاب قوم لوط، ومرّوا على إبراهيم (ع) على صورة بشر، ليبشّروه بالولد، مع أنّ إبراهيم بلغ سنّاً كبيراً فهو في مرحلة المشيب وامرأته كانت عقيماً كذلك!
فمن جهة .. يعدّ إعطاء هذا الولد لإبراهيم وزوجه وهما في مرحلة الكبر واليأس من الإنجاب تأكيداً على كون الأرزاق مقدّرة كما اُشير إلى ذلك في الآيات المتقدّمة.
ومن جهة اُخرى يُعدّ دليلا آخر على قدرة الحقّ وآية من آيات معرفة الله التي ورد البحث عنها في الآيات آنفاً.
ومن جهة ثالثة يُعدّ بُشرى للاُمم المؤمنة بأنّها في رعاية الحقّ - كما أنّ الآيات التالية تتحدّث عن عذاب قوم لوط وهي في الوقت ذاته تهديد للمجرمين.
ففي البدء يوجّه الله سبحانه الخطاب لنبيّه فيقول: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين)(1).
والتعبير بـ "المكرمين" إمّا لأنّ هؤلاء الملائكة كانوا مأمورين من قبل الحقّ، وقد ورد التعبير عنهم في الآية (26) من سورة الأنبياء أيضاً بمثل هذا - (بل هم عباد مكرمون) أو لأنّ إبراهيم (ع) أكرمهم، أو للوجهين معاً.
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ﴿الْمُكْرَمِينَ﴾ عند الله.