التّفسير
تعقيباً على الآيات السابقة شرحت هاتان الآيتان مصير المؤمنين والكافرين.
فالآية الأُولى تقول: (إِنّ الذين كفروا بآياتنا سوف نُصليهم(1) ناراً كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إِنّ الله كان عزيزاً حكيماً).
وعلّة تبديل الجلود - على الظاهر - هي أنّه عندما تنضج الجلود يخف الإِحساس بالألم لدى الإِنسان، ولكي لا تتخفف عقوبتها وعذابها وليحس يالإِنسان بالألم إحساساً كام، تبدل الجلود، وتأتي مكان الجلود الناضجة جلود جديدة، وما هذا إلاّ نتيجة الإِصرار على تجاهل الأوامر الإِلهية، ومخالفة الحق والعدل، والإِعراض عن طاعة الله.
ثمّ يقول سبحانه في ختام الآية: (إِنّ الله كان عزيزاً حكيماً) أي أنّه قادر بعزّته أن يوقع هذه العقوبات بالعصاة، وأنّه لا يفعل ذلك اعتباطاً، بل عن حكمة وعلى أساس الجزاء على المعصية.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ بخلقها مكانها، ومدرك العذاب النفس العاصية لا الجلد وإنما هو آلة لإدراكها أو بإعادتها بنفسها على صورة أخرى كتبديل الخاتم خاتما أو بإذهاب أثر الإحراق عنها ليعود أثر الإحساس بها وسئل الصادق (عليه السلام) ما ذنب الغير؟ فقال: هي هي، وهي غيرها كلبنة كسرت ثم ردت في ملبنها ﴿لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ أي ليدوم إحساسهم به ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا﴾ لا يعجزه شيء ﴿حَكِيمًا﴾ في تعذيب من يعذبه