ثمّ يضيف القرآن هل أنّ هذه الأقوام الكافرة تواصت فيما بينها على توجيه هذه التّهمة إلى جميع الأنبياء: (أتواصوا به)؟!
وكان عملهم هذا إلى درجة من الإنسجام، وكأنّهم إجتمعوا في مجلس - في ما وراء التاريخ - وتشاوروا وتواصوا على أن يتّهموا الأنبياء عامّةً بالسحر والجنون ليخفّفوا من وطأة نفوذهم في نفوس الناس!
ولعلّ كلاًّ منهم كان يريد أن يمضي من هذه الدنيا ويوصي أبناءه وأحبابه بذلك! ويعقّب القرآن على ذلك قائلا: (بل هم قوم طاغون)(2).
وهذه هي إفرازات روح الطغيان حيث يتوسّلون بكلّ كذب واتّهام لإخراج أهل الحقّ من الساحة، وحيث أنّ الأنبياء يأتون الناس بالمعجزات فإنّ خير ما يلصقونه بهم من التّهم أن يَسِموهم بالسحر أو الجنون، فبناءً على ذلك يكون عامل "وحدة عملهم" هذا هي الروحية الخبيثة والطاغية الواحدة لهم.
﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾ بهذا القول استفهام بمعنى النفي ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي لم يجمعهم عليه التواطؤ لتباعد أزمنتهم بل جمعهم طغيانهم