التّفسير
المفلحون والخائبون:
بما أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن قضيّة المعاد، وإستعرضت الصفات الإلهيّة، فانّ الآية الأُولى أعلاه تناولت التوحيد نافيةً الشرك مؤكّدة للمبدأ والمعاد.
في قوله تعالى: (ومن يدّع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنّما حسابه عند ربّه)(1).
أجل، إنّ المشركين يستندون إلى الأوهام، فلا دليل على ما يدّعون سوى أنّهم كالببغاء يقلّدون آباءهم في التمسّك بالخرافات والأساطير - التي لا أساس لها من الصحّة - ومن هنا ينكرون المعاد على الرغم من وضوح أدلّته وإشراق حقيقته، ويقبلون الشرك من غير دليل صحيح عليه.
ومن الطبيعي أن يعاقب مثل هؤلاء الذين داسوا حكم العقل بأقدامهم، واتّجهوا في دروب الكفر والشرك المظلمة بوعي منهم.
وفي النهاية تقول الآية: (إنّه لا يفلح الكافرون) ما أجمل بداية هذه السورة (قد أفلح المؤمنون)! وما أجمل نهايتها المؤكّدة لبدايتها (لا يفلح الكافرون)! هذه هي صورة جامعة لحياة المؤمنين والكافرين من البداية إلى النهاية.(2)
﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ يعبده ﴿لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ صفة لازمة، إذ لا برهان للباطل ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ فيجازيه بقدر ما يستحقه ﴿إِنَّهُ﴾ أي الشأن ﴿لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ لا يظفرون بخير.