ثمّ يضيف القرآن في آخر آية من الآيات محلّ البحث قائلا: (ومن الليل فسبّحه وإدبار النجوم).
وقد فسّر كثير من المفسّرين جملة (ومن الليل فسبّحه) بصلاة الليل، وأمّا إدبار النجوم فقالوا هي إشارة إلى "نافلة الصبح" التي تؤدّى عند طلوع الفجر وإختفاء النجوم بنور الصبح.
كما ورد في حديث عن علي (ع) أنّ المراد من "إدبار النجوم" هو "ركعتان قبل الفجر" نافلة الصبح اللتان تؤدّيان قبل صلاة الصبح وعند غروب النجوم، أمّا "إدبار السجود" الوارد ذكرها في الآية 40 من سورة "ق" فإشارة إلى "ركعتان بعد المغرب" "وبالطبع فإنّ نافلة المغرب أربع ركع إلاّ أنّ هذا الحديث أشار إلى ركعتين منها فحسب"(6).
وعلى كلّ حال، فإنّ العبادة والتسبيح وحمد الله في جوف الليل وعند طلوع الفجر لها صفاؤها ولطفها الخاصّ، وهي في منأى عن الرياء، ويكون الإستعداد الروحي لها أكثر في ذلك الوقت، لأنّ الإنسان يكون فيه بعيداً عن اُمور الدنيا ومشاكلها، والإستراحة في الليل تمنح الإنسان الدّعة، فلا صخب ولا ضجيج، وفي الحقيقة هذه الفترة تقترن بالوقت الذي عُرج بالنّبي إلى السماء، فبلغ قاب قوسين أو أدنى يناجي ربّه ويدعوه في الخلوة!
ولذلك فقد عوّلت الآيات محلّ البحث على هذين الوقتين، ونقرأ حديثاً عن النّبي (ص) يقول فيه: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها(7).
اللهمّ وفّقنا للقيام في السحر ومناجاتك طوال عمرنا.
اللهمّ اجعل قلوبنا بعشقك مطمئنة ونوّرها بمحبّتك وأمّلها بلطفك.
اللهمّ منّ علينا بالصبر والإستقامة بوجه قوى الشياطين ومؤامرات أعدائك وكيدهم لنتأسّى برسولك فنعيش على هديه ونموت على سنّته.
آمين يا ربّ العالمين
نهاية سورة الطور
(ومن الليل) بعضه (فسبحه) أيضا (وإدبار النجوم) حين تدبر أي تخفى بضوء الصبح أو تغرب أو ومن الليل فصل صلاته أو العشاءين وحين تدبر النجوم صل ركعتي الفجر أو الصبح.