التّفسير
ممّا يجدر بيانه أنّ السورة السابقة "الطور" ختمت بكلمة "النجوم" وهذه السورة بُدئت بـ "والنجم" - إذ أقسم به الله قائلا: (والنجم إذا هوى)!
وهناك إحتمالات كثيرة في المراد من "النجم" هنا، فكلّ من المفسّرين يختار تفسيراً.
إذ قال بعضهم بأنّ المراد منه هو "القرآن المجيد" لأنّه يتناسب والآيات التي تلي الآية محلّ البحث، وهي في شأن الوحي، والتعبير بالنجم هو لأنّ العرب يستعملون هذا اللفظ في ما يتمّ في مراحل أو فواصل مختلفة ويسمّونها (أي الفواصل) "نجوماً" (وتستعمل كلمة النجوم على أقساط الدين واُمور اُخر من هذا القبيل أيضاً).
وحيث أنّ القرآن نزل خلال 23 سنةً في مراحل ومقاطع مختلفة على النّبي (ص) فقد سمّي نجماً والمراد من "إذا هوى" نزوله على قلب النّبي (ص).
وفسّره آخرون ببعض الكواكب في السماء كالثريا(1) أو الشعرى(2) لأنّ لكلّ منهما أهميّته الخاصّة!.
وقال بعضهم بأنّه الشهاب الثاقب" الذي ترمى به الشياطين لئلاّ تصعد في السماء والعرب يسمّون الشهاب نجماً.
إلاّ أنّه لا دليل مقبول على أيّ من هذه التفاسير الأربعة بل الظاهر من الآية ما يقتضيه إطلاق كلمة "والنجم" القسم بنجوم السماء كافّة التي هي من أدلّة عظمة الله ومن أسرار عالم الوجود الكبرى ومن المخلوقات العظيمة لله تعالى.
وليست هذه هي المرّة الاُولى التي يقسم القرآن فيها بموجودات عظيمة من عالم الخلق والإيجاد، ففي آيات اُخر أيضاً أقسم القرآن بالشمس والقمر وأمثالها!
والتعويل على غروبها واُفولها مع أنّ طلوعها وإشراقها يسترعي النظر أكثر، هو لأنّ غروب النجم دليل على حدوثه كما أنّه دليل على نفي عقيدة عبادة الكواكب كما ورد في قصّة إبراهيم الخليل (ع) (فلمّا جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لا اُحبّ الآفلين)(3) وينبغي الإلتفات إلى هذا المعنى، وهو أنّ "الطلوع" في اللغة يعبّر عنه بـ "النجم" لأنّه كما يقول الراغب في مفرداته: أصل النجم هو الكوكب الطالع، ولذلك فإنّهم يعبّرون عن ظهور النبات على الأرض والسنّ في اللثّة ووضوح النظرية في الذهن بـ نَجَمَ!
وهكذا فإنّ الله أقسم بطلوع الكواكب وغروبها أيضاً، لأنّ ذلك دليل على حدوثها وأسارتها في قبضة قوانين الخلق(4).
﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ الثريا أو جنس نجوم السماء إذا غرب أو انتشر في القيامة أو انقض أو نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض.