ولكن كشف سبحانه في الآية الثّالثة النقاب عن وجههم، وأبطل هذه التبريرات الكاذبة وقال: (أُولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم).
ولكنّه سبحانه يأمر نبيّه مع ذلك أن ينصرف عن مجازاتهم وعقوبتهم فيقول: (فاعرض عنهم).
ولقد كان رسول الله يداري المنافقين ما أمكنه لأجل تظاهرهم بالإِسلام، لأنّه كان مأموراً بالتعامل معهم على حسب ظواهرهم، فلم يكن يجازيهم إِلاّ في بعض الموارد الإِستثنائية، لأنّهم كانوا بين صفوف المسلمين - في الظاهر - فكانت مجازاتهم يمكن أن تحمل على أنها نشأت من أغراض شخصية.
ثمّ إنّه سبحانه يأمر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعظهم، وأن ينفذ إِلى قلوبهم بالقول البالغ، والعظة المؤثرة، يذكرهم بنتائج أعمالهم: (يوعظهم وقل لهم في أنفسهم قو بليغاً).
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ من النفاق ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم ﴿وَعِظْهُمْ﴾ بلسانك ﴿وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ﴾ في شأنها أو خاليا بهم إذ النصح سرا أنفع ﴿قَوْلاً بَلِيغًا﴾ بالغا منهم مؤثرا فيهم وهو التوعد بالقتل.