لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
أمّا آخر آية من الآيات محلّ البحث فتقول: (وأنّه هو ربّ الشعرى). والتعويل في القرآن على "الشعرى" النجم المعروف في السماء بالإضافة إلى أنّه أكثر النجوم لمعاناً ويطّلع عند السحر في مقربة من الجوزاء ممّا يلفت النظر تماماً .. هذا التعويل والتصريح به لأنّ طائفةً من المشركين العرب كانت تعبده، فالقرآن يشير إلى أنّ الأولى بالعبادة هو الله لأنّه ربّ الشعرى "وربّكم". وينبغي الإلتفات - ضمناً - أنّ هناك نجمين معروفين باسم الشعرى أحدهما إلى الجنوب ويُدعى بنجم الشعرى اليماني "لأنّ اليمن جنوب الجزيرة العربية" والآخر نجم الشعرى الشامي الواقع في الجهة الشمالية "والشام شمال الجزيرة أيضاً" إلاّ أنّ المعروف والمشهور هو الشعرى اليماني. وهناك لطائف ومسائل خاصّة في هذا النجم "الشعرى" سنتحدّث عنه بعد قليل. بحوث 1 - كلّ الدلائل تشير إليه إنّ ما تثيره هذه الآيات في الحقيقة إشارة إلى هذا المعنى، وهو أنّ أي نوع من أنواع التدبير في هذا العالم إنّما يعود إلى ذات الله المقدّسة، بدءاً من مسألة الموت والحياة، إلى خلق الإنسان من نطفة لا قيمة لها، وكذلك الحوادث المختلفة التي تقع في حياة الإنسان فتضحكه تارةً وتبكيه اُخرى، كلّ ذلك من تدبير الله سبحانه. والنجوم والكواكب المشرقة في السماء تطلع وتغيب بأمره وتحت ربوبيته. وفي الأرض الغنى وعدم الحاجة وما يقتنيه الإنسان كلّ ذلك يعود إلى ذاته المقدّسة. وبالطبع فإنّ النشأة الاُخرى بأمره أيضاً، لأنّها حياة جديدة وإمتداد لهذه الحياة وإستمرارها. هذا البيان - يبرز خطّ التوحيد من جهة .. ومن - جهة اُخرى - خطّ المعاد، لأنّ خالق الإنسان من نطفة لا قيمة لها في الرحم قادر على تجديد حياته أيضاً. وبتعبير آخر، إنّ جميع هذه الاُمور كاشفة عن توحيد أفعال الله وتوحيد ربوبيته .. أجل كلّ هذي الأصداء من إيحائه! 2 - عجائب نجم الشعرى: "نجم الشعرى" كما أشرنا إليه آنفاً من أشدّ النجوم في السماء لمعاناً وإشراقاً وهو معروف بنجم الشعرى اليماني، لأنّه يقع في جهة جنوب الجزيرة العربية، وحيث أنّ اليمن في جنوب الجزيرة أيضاً فقد أطلق عليه "باليماني"! وكانت طائفة من العرب كقبيلة "خزاعة" تقدّس هذا النجم وتعبده وتعتقد أنّه مبدأ الموجودات على الأرض .. فتأكيد القرآن على أنّ الله ربّ الشعرى هو لإيقاظ هذه القبيلة وأمثالها من غفوتها، لئلاّ يُشتبه المخلوق بالخالق ويُجعل المربوب مكان الربّ كما كانت القبيلة آنفة الذكر عليه. هذا النجم العجيب الخلقة لإشراقه الكثير عُدّ ملك النجوم وله أسرار وعجائب نشير إليها في هذا البحث مع ملاحظة أنّ هذه الحقائق كانت في ذلك العصر مجهولة عند العرب وغيرهم عن الشعرى فإنّ تأكيد القرآن على هذا الموضوع ذو معنى غزير! أ - طبقاً للتحقيقات التي اُجريت في المراصد المعروفة في العالم عن "الشعرى" ظهر أنّ حرارة هذا النجم تبلغ 120 ألف درجة سانتيغراد!. مع العلم أنّ حرارة سطح الشمس لا تتجاوز 6500 درجة سانتيغراد وهذا التفاوت بين الحرارتين يبيّن مدى حرارة الشعرى بالنسبة إلى الشمس. ب - الجرم المخصوص لهذا النجم أثقل وزناً من الماء بمقدار خمسين ألف مرّة تقريباً، أي أنّ وزن الليتر من الماء على الشعرى يعادل خمسين طنّاً على سطح الأرض! مع أنّ من بين مجموع المنظومة الشمسية يعدّ كوكب عطارد أكثر الأجرام في وزنه النوعي ولا يتجاوز وزنه النوعي ستّة أضعاف الوزن النوعي للماء! فينبغي أن نعرف بهذا الوصف كم هذا النجم مثير للدهشة والعجب، ومن أي عنصر يتألّف حتّى صار مضغوطاً بهذا المستوى؟! ج - يظهر نجم الشعرى - في قرننا - عند فصل الشتاء إلاّ أنّ هذا النجم أو الكوكب كان يظهر في عصر منجمّي مصر في الصيف! وهو كوكب كبير يعادل عشرين ضعفاً من كوكب الشمس، ومسافته تبعد عن الأرض أكثر من مسافة الشمس بمقدار كبير وقد ذكروا أنّ مسافة بين الشعرى والأرض تعادل مليون مرّة المسافة بيننا وبين الشمس. ونعرف أنّ سرعة النور في الثانية 300 ألف ألف متر (ثلاثمائة ألف كيلومتر) وأنّ نور الشمس يصل إلينا خلال ثماني دقائق وثلاث عشرة ثانية مع أنّها تبعد عنّا مسافة خمسة عشر مليون كيلو "متراً" .. في حين أنّ شعاع الشعرى لا يصلنا إلاّ بعد عشر سنين، والآن قدّروا كم هي الفاصلة بين الشعرى والأرض! د - لكوكب الشعرى نجم تابع له يدور حوله وهو من نجوم السماء الغامضة. وأوّل من إكتشفه عالم يدعى بسل besell عام 1844م إلاّ أنّه رؤي عام 1862 بالمجهر "التلسكوب" ويكمل هذا النجم دورته حول الشعرى في 50 عاماً(5). كلّ هذا يدلّ أنّ تعابير القرآن إلى أيّ مدى عميقة وذات معنى غزير، وفي طيّات تعابيره حقائق كامنة إذا لم يقدّر لها أن تعرف في عصر نزولها فإنّها تتجلّى بمرور الزمان. 3 - حديث عميق المحتوى عن النّبي (ص) : جاء في بعض الأحاديث أنّ النّبي (ص) مرّ بقوم يضحكون فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلا فنزل عليه جبرئيل فقال: إنّ الله هو أضحك وأبكى فرجع النّبي إليهم وقال ما خطوت أربعين خطوة حتّى أتاني جبرئيل فقال: ائت هؤلاء، فقل لهم: إنّ الله أضحك وأبكى(6). وفي ذلك إشارة إلى أنّ المؤمن لا يلزمه أن يبكي دائماً، فالبكاء من خوف الله في محلّه مطلوب، والضحك في محلّه مطلوب أيضاً، لأنّهما من الله! وعلى كلّ حال، فإنّ هذه التعابير لا تنافي أصل الإختيار وحرية الإرادة في الإنسان، لأنّ الهدف هو بيان علّة العلل وخالق هذه الغرائز والإحساسات! وعندما نقرأ في الآية 82 من سورة التوبة قوله تعالى: (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيراً جزاءً بما كانوا يكسبون) فهذا الأمر وارد في المنافقين، لأنّ الآيات التي قبل هذه الآية وبعدها تشهد بذلك! الذي يلفت النظر أنّ القرآن يقسم في بداية السورة بالنجم فيقول: (والنجم إذا هوى) وفي الآية محلّ البحث يقول في بيان صفات الله: (وانّه هو ربّ الشعرى) فإذا جمعنا الآيتين جنباً إلى جنب فهمنا لِمَ لا يصحّ عبادة الشعرى، لأنّ كوكب الشعرى يأفل أيضاً، وهو أسير في قبضة قوانين الخلق! ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ أي العبور عبدها خزاعة.