وفي ختام هذا البحث يشير القرآن إلى مجموع النعم الوارد ذكرها في الآيات المتقدّمة ويلمح إليها بصورة إستفهام إنكاري قائلا: (فبأيّ آلاء ربّك تتمارى)؟
فهل تشكّ وتتردّد بنعم الله، كنعمة الحياة أو أصل نعمة الخلق والإيجاد، أو نعمة أنّ الله هذه لا يأخذ أحداً بوزر أحد; وما جاء في الصحف الاُولى وأكّده القرآن؟!
وهل من شاكٍّ بهذه النعمة، وهي أنّ الله أبعدكم عن البلاء الذي عمّ الاُمم السابقة بكفرهم وشملكم بعفوه ورحمته؟!
أو هل هناك شكّ في نعمة نزول القرآن وموضوع الرسالة والهداية؟
صحيح أنّ المخاطب بالآية هو شخص النّبي (ص) إلاّ أنّ مفهومها شامل لجميع المسلمين، بل الهدف الأصلي من هذه الآية إفهام الآخرين.
"تتمارى"(4) مشتقّ من تماري ومعناه المحاجة والمجادلة المقرونة بالشكّ والتردّد!
"آلاء" جمع: ألأ، أو إلىء - على وزن فعل - والألىء معناها النعمة .. وبالرغم من أنّ بعض ما جاء في الآيات المتقدّمة ومن ضمنها إهلاك الاُمم السابقة وتعذيبهم ليس مصداقاً للنعمة .. إلاّ أنّه من جهة كونه درساً للعبرة "للآخرين" ولأنّ الله لم يعذّب المسلمين وحتّى الكفّار المعاصرين لهم بذلك العذاب يمكن إعتبار ذلك نعمة عظيمة.
﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ﴾ نعمه المعدودة هنا وغيره ﴿تَتَمَارَى﴾ تتشكك أيها السامع.