لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ويقول القرآن في آخر آية من الآيات محلّ البحث - وهي آخر آية من سورة النجم أيضاً - بعد أن بيّن أبحاثاً متعدّدة حول إثبات التوحيد ونفي الشرك: (فاسجدوا لله واعبدوا). فإذا أردتم أن تسيروا في الصراط المستقيم والسبيل الحقّ فاسجدوا لذاته المقدّسة فحسب، إذ لله وحده تنتهى الخطوط في عالم الوجود، وإذا أردتم النجاة من العواقب الوخيمة التي أصابت الاُمم السالفة لشركهم وكفرهم فوقعوا في قبضة عذاب الله، فاعبدوا الله وحده. الذي يجلب النظر - كما جاء في روايات متعدّدة - أنّ النّبي عندما تلا هذه الآية وسمعها المؤمنون والكافرون سجدوا لها جميعاً. ووفقاً لبعض الرّوايات أنّ الوحيد الذي لم يسجد لهذه الآية عند سماعها هو "الوليد بن المغيرة" لعلّه لم يستطع أن ينحني للسجود فأخذ قبضة من التراب ووضعها على جبهته فكان سجوده بهذه الصورة. ولا مكان للتعجّب أن يسجد لهذه الآية حتّى المشركون وعبدة الأصنام، لأنّ لحن الآيات البليغ من جهة، ومحتواها المؤثّر من جهة اُخرى وما فيها من تهديد للمشركين من جهة ثالثة، وتلاوة هذه الآيات على لسان النّبي (ص) في المرحلة الاُولى من نزول الآيات عن لسان الوحي من جهة رابعة .. كلّ هذه الاُمور كان لها دور في التأثير والنفوذ إلى القلوب حتّى أنّه لم يبق أيّ قلب إلاّ اهتزّ لجلال آيات الله وألقى عنه أستار الضلال وحجب العناد - ولو مؤقتاً - ودخله نور التوحيد المشعّ!. وإذا تلونا الآية - بأنفسنا - وأنعمنا النظر فيها بكلّ دقّة وتأمّل وحضور قلب وتصوّرنا أنفسنا أمام النّبي (ص) وفي جوّ نزول الآيات وبقطع النظر - عن إعتقادنا الإسلامي - نجد أنفسنا ملزمين على السجود عند تلاوتنا لهذه الآية وأن نحني رؤوسنا إجلالا لربّ الجلال! وليست هذه هي المرّة الاُولى التي يترك القرآن بها أثره في قلوب المنكرين ويجذبهم إليه دون إختيارهم، إذ ورد في قصّة "الوليد بن المغيرة" أنّه لمّا سمع آيات فصّلت وبلغ النّبي (في قوله) إلى الآية: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) قام من مجلسه واهتزّ لها وجاء إلى البيت فظنّ جماعة من المشركين أنّه صبا إلى دين محمّد. فبناءً على هذا، لا حاجة أن نقول بأنّ جماعة من الشياطين أو جماعة من المشركين الخبثاء حضروا عند النّبي ولمّا سمعوا النّبي يتلو الآية: (أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الاُخرى) بسطوا ألسنتهم وقالوا: تلك الغرانيق العُلى!! ولذلك إنجذب المشركون لهذه الآيات فسجدوا أيضاً عند تلاوة النّبي آية السجدة! لأنّنا كما أشرنا آنفاً في تفسير هذه الآيات. انّ الآيات التي تلت هذه الآيات عنّفت المشركين ولم تدع مجالا للشكّ والتردّد والخطأ لأي أحد (في مفهوم الآية) لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآيتين 19 و20 من هذه السورة. وينبغي الإلتفات أيضاً إلى أنّ الآية الآنفة يجب السجود عند تلاوتها، ولحن الآية التي جاءت مبتدئةً بصيغة الأمر - والأمر دالّ على الوجوب - شاهد على هذا المعنى. وهكذا فإنّ هذه السورة ثالثة السور الوارد فيها سجود واجب، أي هي بعد سورة الم السجدة، وحم السجدة .. وإن كان بعضهم يرى بأنّ أوّل سورة فيها سجود واجب نزلت على النّبي من الناحية التاريخية - هي هذه السورة. اللهمّ أنر قلوبنا بأنوار معرفتك لئلاّ نعبد سواك شيئاً ولا نسجد إلاّ لك. اللهمّ إنّ مفاتيح الرحمة والخير كلّها بيد قدرتك، فارزقنا من خير مواهبك وعطاياك، أي رضاك ياربّ العالمين. اللهمّ ارزقنا بصيرة في العِبَر - لنعتبر بالاُمم السالفة وعاقبة ظلمها وأن نحذر الإقتفاء على آثارهم. آمين يا ربّ العالمين نهاية سورة النجم ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾ أي اعبدوه بإخلاص.