لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير شقّ القمر!! يتناول الحديث في الآية الاُولى حادثتين مهمّتين: أحدهما: قرب وقوع يوم القيامة، والذي يقترن بأعظم تغيير في عالم الخلق، وبداية لحياة جديدة في عالم آخر، ذلك العالم الذي يقصر فكرنا عن إدراكه نتيجة محدودية علمنا وإستيعابنا للمعرفة الكونية. والحادثة الثانية التي تتحدّث الآية الكريمة عنها هي معجزة إنشقاق القمر العظيمة التي تدلّل على قدرة الباريء عزّوجلّ المطلقة، وكذلك تدلّ - أيضاً - على صدق دعوة الرّسول الأعظم (ص) قال تعالى: (اقتربت الساعة وانشقّ القمر). وجدير بالذكر أنّ سورة النجم التي أنهت آياتها المباركة بالحديث عن يوم القيامة (أزفت الآزفة) تستقبل آيات سورة القمر بهذا المعنى أيضاً، ممّا يؤكّد قرب وقوع اليوم الموعود رغم أنّه عندما يقاس بالمقياس الدنيوي فقد يستغرق آلاف السنين ويتوضّح هذا المفهوم، حينما نتصوّر مجموع عمر عالمنا هذا من جهة، ومن جهة اُخرى عندما نقارن جميع عمر الدنيا في مقابل عمر الآخرة فانّها لا تكون سوى لحظة واحدة. إنّ إقتران ذكر هاتين الحادثتين في الآية الكريمة: "إنشقاق القمر وإقتراب الساعة" دليل على قرب وقوع يوم القيامة، كما ذكر ذلك قسم من المفسّرين حيث أنّ ظهور الرّسول الأكرم (ص) - وهو آخر الأنبياء - قرينة على قرب وقوع اليوم المشهود ... قال رسول الله (ص): "بعثت أنا والساعة كهاتين"(1) مشيراً إلى إصبعيه الكريمين. ومن جهة اُخرى، فإنّ إنشقاق القمر دليل على إمكانية إضطراب النظام الكوني، ونموذج مصغّر للحوادث العظيمة التي تسبق وقوع يوم القيامة في هذا العالم، حيث إندثار الكواكب والنجوم والأرض يعني حدوث عالم جديد، إستناداً إلى الرّوايات المشهورة التي ادّعى البعض تواترها. قال ابن عبّاس: إجتمع المشركون إلى رسول الله (ص) فقالوا: إن كنت صادقاً فشقّ لنا القمر فلقتين، فقال لهم رسول الله (ص): "إن فعلت تؤمنون؟" قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله ربّه أن يعطيه ما قالوا، فانشقّ القمر فلقتين ورسول الله ينادي: "يافلان يافلان، اشهدوا"(2). ولعلّ التساؤل يثار هنا عن كيفية حصول هذه الظاهرة الكونية: (إنشقاق هذا الجرم السماوي العظيم) وعن مدى تأثيره على الكرة الأرضية والمنظومة الشمسية، وكذلك عن طبيعة القوّة الجاذبة التي أعادت فلقتي القمر إلى وضعهما السابق، وعن كيفيّة حصول مثل هذا الحدث؟ ولماذا لم يتطرّق التاريخ إلى ذكر شيء عنه؟ بالإضافة إلى مجموعة تساؤلات اُخرى حول هذا الموضوع والتي سنجيب عليها بصورة تفصيليّة في هذا البحث إن شاء الله. والنقطة الجديرة بالذكر هنا أنّ بعض المفسّرين الذين تأثّروا بوجهات نظر غير سليمة، وأنكروا كلّ معجزة لرسول الله (ص) عدا القرآن الكريم، عندما التفتوا إلى وضوح الآية الكريمة محلّ البحث والرّوايات الكثيرة التي وردت في كتب علماء الإسلام في هذا المجال، واجهوا عناءاً في توجيه هذه المعجزة الربّانية، وحاولوا نفي الظاهرة الإعجازية لهذا الحادث ... والحقيقة أنّ مسألة "إنشقاق القمر" كانت معجزة، والآيات اللاحقة تحمل الدلائل الواضحة على صحّة هذا الأمر كما سنرى ذلك إن شاء الله. لقد كان جديراً بهؤلاء أن يصحّحوا وجهات نظرهم تلك، ليعلموا أنّ للرسول الأعظم (ص) معجزات عديدة أيضاً. وإذا اُريد الإستفادة من الآيات القرآنية لنفي المعجزات فإنّها تنفي المعجزات المقترحة من قبل المشركين المعاندين الذين لم يقصدوا قبول دعوة الحقّ من أوّل الأمر ولم يستجيبوا للرسول الأكرم بعد إنجاز المعجز، لكن المعجزات التي تطلب من الرّسول من أجل الإطمئنان إلى الحقّ والإيمان به كانت تنجز من قبله، ولدينا دلائل عديدة على هذا الأمر في تأريخ حياة الرّسول (ص). ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَة﴾ قربت القيامة ﴿وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ شقين لما سئل آية وقرن انشقاقه باقترابها لأنه من أشراطها.