ويشير سبحانه إلى لطف عنايته للسفينة المخصّصة لنجاة نوح (ع) حيث يقول سبحانه (تجري بأعيننا) أي أنّ هذه السفينة تسير بالعلم والمشيئة الإلهيّة، وتشقّ الأمواج العالية بقوّة وتستمر في حركتها تحت رعايتنا وحفظنا.
إنّ التعبير (بأعيننا) كناية ظريفة للدلالة على المراقبة والرعاية للشيء ويتجسّد هذا المعنى بوضوح في قوله تعالى في الآية (37) من سورة هود: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا).
بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ المقصود من (تجري بأعيننا) هو الإشارة إلى الشخصيات المهمّة التي كانت على ظهر السفينة، وبناءً على هذا فإنّ المقصود من قوله تعالى: (تجري بأعيننا)(6) أنّ تلك السفينة كانت تحمل عباد الله الخالصين المخلصين، ونظراً لطبيعة الموارد التي استعمل فيها هذا التعبير في الآيات القرآنية الاُخرى فإنّ الرأي الأوّل هو الأصحّ.
ويحتمل أيضاً أنّ المراد بجملة (بأعيننا) هو الملائكة التي كان لها الأثر في هداية سفينة نوح (ع)، ولكن هذا الرأي ضعيف أيضاً لسبب أعلاه.
ثمّ يضيف تعالى: (جزاءً لمن كان كفر)(7).
نعم إنّ نوح (ع) كسائر الأنبياء الإلهيين يعتبر نعمة إلهيّة عظيمة وموهبة من مواهبة الكبيرة على البشرية، إلاّ أنّ قومه الحمقى كفروا به وبرسالته(8).
﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ برعايتنا وحفظنا ﴿جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ أي فعلنا ذلك جزاء.