ويضيف مؤكّداً هذه الحقيقة في آخر الآية مورد البحث في قوله تعالى: (ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر).
نعم إنّ هذا الكتاب العظيم الخالي من التعقيد والمجسّد لعناصر التأثير من حيث عذوبة ألفاظه وجاذبيتها، وحيوية عباراته وصراحتها في عرض المطالب ترغيباً وتهديداً، وطبيعة قصصه الواقعية ذات المحتوى الغزير بالإضافة إلى قوّة دلائله وأحكامها ومنطقه المتين، وإحتوائه على كلّ ما يلزم من عناصر التأثير ...
لذا فإنّ القلوب المهيأة لقبول الحقّ والمتفاعلة مع منطق الفطرة والمستوعبة لمنهج العقل تنجذب بصورة متميّزة، والشاهد على هذا أنّ التأريخ الإسلامي يذكر لنا قصصاً عديدة عجيبة محيّرة من حالات التأثير العميق الذي يتركه القرآن الكريم على القلوب الخيّرة.
ولكن ما العمل حينما تكون النطفة لبذرة ما ميتة، حتّى لو هيّأ لزراعتها أخصب الأراضي، وسقيت بماء الكوثر، واعتني بها من قبل أمهر المزارعين، فإنّها لن تنمو ولن تزهر وتثمر أبداً.
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ سهلناه وهيأناه للإذكار والاتعاظ والحفظ ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ متعظ به استفهام بمعنى الأمر.