ثمّ يستعرض سبحانه وصف الريح بقوله: (تنزع الناس كأنّهم أعجاز نخل منقعر).
"منقعر" من مادّة (قعر) بمعنى أسفل الشيء أو نهايته، ولذا يستعمل هذا المصطلح بمعنى قلع الشيء من أساسه.
كما يحتمل أن يكون المقصود من هذا التعبير أنّ ضخامة الهياكل وقوّة الأبدان التي كان عليها قوم عاد لم تغنهم من فتك الريح بهم وهلاكهم حيث ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ قوم عاد حاولوا التخلّص من العذاب الذي باغتهم وذلك بأن التجأوا إلى حفر عميقة وملاجىء تحت الأرض لحفظ أنفسهم، ولكن دون جدوى حيث أنّ الريح كانت من القوّة بحيث قلعتهم من أعماق تلك الحفر وقذفت بهم من جهة إلى اُخرى، حتّى قيل أنّها كانت تدحرجهم وتجعل أعلى كلّ منهم أسفله وتفصل رؤوسهم عن أجسادهم.
"أعجاز" جمع (عجز) - على وزن (رجل) - بمعنى خَلْفُ أو تحت، وقد شبّهوا بالقسم الأسفل من النخلة وذلك حسبما يقول البعض لأنّ شدّة الريح قطّعت أيديهم ورؤوسهم ودفعتها باتّجاهها، وبقيت أجسادهم المقطّعة الرؤوس والأطراف كالنخيل المقطّعة الرؤوس، ثمّ قُلعت أجسادهم من الأرض وكانت الريح تتقاذفها.
﴿تَنزِعُ النَّاسَ﴾ من حفر اندسوا فيها وتقرعهم فتدق وتطير رءوسهم ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ﴾ أصول ﴿نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ منقطع وفي التشبيه إشارة إلى طولهم.