في الآية اللاحقة يستعرض نعمة اُخرى حيث يقول سبحانه: (ربّ المشرقين وربّ المغربين).
بما أنّ الشمس في كلّ يوم تشرق من نقطة وتغرب من اُخرى، وبعدد أيّام السنة لها شروق وغروب، ولكن نظراً للحدّ الأكثر من الميل الشمالي للشمس والميل الجنوبي لها، ففي الحقيقة أنّ للشمس مشرقين ومغربين والبقيّة بينهما(6).
إنّ هذا النظام الذي هو سبب وجود الفصول الأربعة له فوائد وبركات كثيرة، ويؤكّد ويكمّل ما مرّ بنا في الآيات السابقة، وذلك لأنّ الحديث كان عن حساب سير الشمس والقمر، وكذلك عن وجود الميزان في خلق السماوات، وإجمالا فإنّه يبيّن النظام الدقيق للخلقة وحركة الأرض والقمر والشمس، وكذلك فإنّه يشير إلى النعم والبركات التي هي موضع إستفادة الإنسان.
ويرى البعض أنّ المقصود بالمشرقين والمغربين هو طلوع وغروب الشمس، وطلوع وغروب القمر ويعتبرون هذا هو المناسب لتفسير الآية الكريمة (والشمس والقمر بحسبان) إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب، خصوصاً وأنّ الرّوايات الإسلامية قد أشارت إلى ذلك.
ومن جملة هذه الرّوايات حديث لأمير المؤمنين (ع) في تفسير هذه الآية حيث يقول: "إنّ مشرق الشتاء على حدة، ومشرق الصيف على حدّه، أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها؟"(7).
ويتّضح بذلك معنى قوله تعالى: (فلا اُقسم بربّ المشارق والمغارب)،(8) حيث يشير هنا إلى جميع مشارق ومغارب الشمس على طول أيّام السنة.
في الوقت الذي تشير الآية مورد البحث إلى نهاية القوس الصعودي والنّزولي لها فقط.
﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾.