نعم إنّه لا يسأل حيث (يعرف المجرمون بسيماهم)(7) فهناك وجوه تطفح بالبشر والنور وتعبّر عن الإيمان وصالح الأعمال، واُخرى مسودّة قاتمة مكفهّرة غبراء تحكي قصّة كفرهم وعصيانهم قال تعالى: (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة).(8)
ثمّ يضيف سبحانه: (فيؤخذ بالنواصي والأقدام).
"النواصي": جمع ناصية وكما يقول الراغب في المفردات أنّ الأصل بمعنى الشعر بمقدّمة الرأس من مادّة (نصأ) على وزن (نصر) وتعني الإتّصال والإرتباط، "وأخذ بناصيته" بمعنى أخذه من شعره الذي في مقدّمة رأسه، كما تأتي أحياناً كناية عن الغلبة الكاملة على الشيء.
أقدام: جمع "قدم" بمعنى الأرجل.
والمعنى الحقيقي للآية المباركة هو أنّ الملائكة تأخذ المجرمين في يوم القيامة من نواصيهم وأرجلهم، ويرفعونهم من الأرض بمنتهى الذلّة ويلقونهم في جهنّم، أو أنّه كناية عن منتهى ضعف المجرمين وعجزهم أمام ملائكة الرحمن، حيث يقذفونهم في نار جهنّم بذلّة تامّة، فما أشدّ هذا المشهد وما أرعبه!!
﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ بعلامتهم من سواد الوجوه وزرقة العيون ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ مضمومة ناصية كل منهم إلى قدميه أو يؤخذ بهذه مرة وبهذه أخرى.