لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وتتحدّث الآية التالية حول فاكهة هاتين الجنّتين حيث تقول: (فيهما فاكهة ونخل ورمّان). لا شكّ أنّ للفاكهة مفهوماً واسعاً يشمل جميع أنواعها، إلاّ أنّ التمر والرمّان خصّا بالذكر هنا لأهميّتهما الخاصّة، لا كما يذهب بعض المفسّرين إلى أنّ ذكرهما هو لأنّهما لا يدخلان ضمن مفهوم الفاكهة، إذ أنّ هذا التصوّر خاطىء، لأنّ علماء اللغة أنكروا ذلك، بالإضافة إلى أنّ عطف الخاصّ على العام في الموارد التي لها إمتيازات أمر معمول به وطبيعي. قال تعالى: (من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدو للكافرين).(4) وهنا جاءت عبارة (جبريل وميكال) وهما من الملائكة العظام بعد ذكر لفظ الملائكة بصورة عامّة. بحث قيمة الفاكهة: الشيء الجدير بالذكر أنّ الآيات أعلاه خصّت الفاكهة بالذكر من بين مختلف أنواع أغذية الجنّة كما خصّت فاكهتي (الرطب والرمّان) بالذكر من بين جميع فواكه الجنّة أيضاً. والغريب هنا ذكر النخل بدلا من الرطب، أمّا الرمّان فقد ذكر بإسمه، ولابدّ أن يكون لكلّ واحد من هذه الفواكه خصوصية. أمّا ذكر الفاكهة بالخصوص من بين عموم الأغذية الموجودة في الجنّة فذلك لأهميّة الفاكهة في تغذية الإنسان: حتّى قيل: أنّ الإنسان موجود آكل للفاكهة، وللفاكهة دور مهمّ في وجود الإنسان ودوام حياته لا على الصعيد العلمي فقط، بل من الناحية التجريبيّة لعموم الناس أيضاً. أمّا ذكر شجرة النخيل بدل فاكهتها فيمكن أن يكون للحاظ أنّ هذه الشجرة موضع إستفادة من جهات عديدة، في حين أنّ شجرة الرمّان ليست كذلك. فالنخلة يستفاد من ورقها في صنع وسائل عديدة من لوازم الحياة كالفرش والقبّعات والملابس ووسائل الحمل والنقل والأسرّة، ويستفاد من أليافها في اُمور شتّى كذلك، كما أنّ البعض منها له خواص طبية، وحتّى أنّ جذعها يستخدم كأعمدة في البناء أو جسور لعبور الأنهار. أمّا إختيار هاتين الفاكهتين من بين جميع فواكه الجنّة فهو بسبب تنوّعهما: فأحدهما: ينمو في المناطق الحارّة (النخيل). والاُخرى: تنمو في المناطق الباردة (الرمّان). أحدهما تتميّز بالمادّة السكرية، والاُخرى تتميّز بالمادّة الحامضية، واحدة حارّة من حيث طبيعتها والاُخرى باردة، إحداهما مغذّية والاُخرى مرويّة. كما أنّ التمر يتمتّع بالكثير من المواد الحياتية وأنواع الفيتامينات، وقد إكتشفت ثلاث عشرة مادّة حياتية فيه، وخمس أنواع من الفيتامينات بالإضافة إلى بقيّة خواصها الاُخرى، (وقد بحثناها في نهاية الآية (الخامسة) من سورة مريم في هذا التّفسير تحت عنوان: التمر غذاء مقوٍّ وباعث للنشاط). وأمّا "الرمّان" الذي عرّف في بعض الرّوايات الإسلامية بأنّه سيّد الفواكه(5)، فقد ذكر العلماء تفاصيل كثيرة حول فوائد هذه الفاكهة ومنها تنقية الدم، واحتوائها على مقادير كبيرة من فيتامين (سي). كما ذكرت في الكتب فوائد كثيرة اُخرى للرمّان (الحلو والحامض) كتقوية المعدة، ودفع الحمى الصفراء، واليرقان، والجرب (مرض جلدي) وتقوية البصر، ورفع التقيّحات المزمنة، وتقوية اللثة، ودفع الإسهال ... كما نقرأ في حديث للإمام الصادق (ع) في التأكيد على هذه الفاكهة: "أطعموا صبيانكم الرمّان فإنّه أسرع لشبابهم"(6). وجاء في حديث آخر: "فإنّه أسرع لألسنتهم"(7). وجاء في حديث آخر للإمام الصادق (ع) والإمام الباقر (ع) أنّهما قالا: "وما على وجه الأرض ثمرة كانت أحبّ إلى رسول الله من الرمّان"(8). ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ عطفا عليها لفضلهما.