وفي الآيات اللاحقة يذكر الأسباب التي أدّت بأصحاب الشمال إلى هذا المصير المخيف والمشؤوم، وذلك بثلاث جمل، يقول في البداية: (إنّهم كانوا قبل ذلك مترفين).
"مترف": كما ورد في لسان العرب من مادّة ترف - على وزن (سبب) - بمعنى التنعّم، وتطلق على الشخص الذي ملكته الغفلة وجعلته مغروراً سكران، وجرّته إلى الطغيان(2).
صحيح أنّ أصحاب الشمال ليسوا جميعاً من زمرة المترفين، إلاّ أنّ المقصودين في القرآن الكريم هم أربابهم وأكابرهم.
والملاحظ في عصرنا الحاضر أنّ فساد المجتمعات وعوامل الإنحراف ورأس الحروب والدمار ونزيف الدم وأنواع الظلم ومركز الشهوات والفساد في العالم أجمع بيد "الزمرة" المترفة المغرورة، ولهذا فالقرآن الكريم قد شخصّهم وحدّد موقفه منهم إبتداءً.
وهنالك رأي ثان وهو: إنّ نعم الله سبحانه واسعة وعديدة ولا تنحصر بالأموال فقط، بل تشمل الصحّة والشباب والعمر .. فإذا كانت هذه النعم أو بعضها مبعثاً للغرور والغفلة، فإنّها ستكون مصدراً أساسياً للذنوب، وهذا المفهوم يسري على أصحاب الشمال.
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ﴾ في الدنيا ﴿مُتْرَفِينَ﴾ منعمين لاهين عن الطاعة.