وبعد مسألة الحاكمية والتدبير يأتي الحديث عن مسألة مالكيته سبحانه في كلّ عالم الوجود، حيث يقول: (له ملك السموات والأرض).
وأخيراً يشير إلى مسألة مرجعيّته فيقول تعالى: (وإلى الله ترجع الاُمور).
نعم، عندما يكون الخالق والمالك والمدبّر معنا في كلّ مكان، فمن البديهي أن يكون رجوعنا ورجوع أعمالنا إليه كذلك.
نحن سلكنا طريق عشقه ومحبّته، وبدأنا المسير حاملين معنا الأمل من نقطة العدم باتّجاهه، وقد سلكنا شوطاً طويلا إلى أن وصلنا إلى مرتبة الوجود...نحن من الله سبحانه، وإليه نرجع، لماذا؟ لأنّه هو المبدىء وإليه المنتهى.
والجدير بالذكر أنّ الآيات الثلاث الآنفة الذكر قد جاء فيها مثل هذا الوصف أيضاً: (له ملك السماوات والأرض).
ويمكن أن يكون التكرار هنا بلحاظ أنّ الحديث كان - فقط - عن مسألة حياة وموت الموجودات الحيّة، وهنا نلاحظ توسّع البحث وشموليّته في رجوع كلّ شيء لله سبحانه.
وفي تلك الآيات مقدّمة عن بيان قدرة الله عزّوجلّ على كلّ شيء، وهنا مقدّمة لرجوع كلّ شيء إليه، وهاتان القضيّتان تستلزمان مالكيّة الله عزّوجلّ للأرض والسماء.
التعبير بـ "الاُمور" جاء - هنا - بصيغة الجمع، أي: أنّ جميع الموجودات - وليس الإنسان فحسب - تتحرّك باتّجاهه حركة دائمة وغير قابلة للتوقّف.
وبناءً على هذا فإنّ معنى الآية لا ينحصر - فقط - برجوع البشر إليه في الآخرة، بالرغم من أنّ موضوع المعاد من المصاديق البارزة لذلك الرجوع العامّ.
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.