﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ الكتب المنزلة ﴿فَمِنْهُم﴾ من الذرية أو المرسل إليهم ﴿مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ خارجون عن نهج الحق
التّفسير:
تعاقب الرسل واحداً بعد الآخر:
للقرآن الكريم منهجه المتميّز، ومن خصوصياته أنّه بعد بيان سلسلة من الاُصول العامّة يشير ويذكّر بمصير الأقوام السابقة، لكي يكون ذلك شاهداً وحجّة.
وهنا أيضاً يتجسّد هذا المنهج: حيث يشير في المقدّمة إلى إرسال الرسل مع البيّنات والكتاب والميزان والدعوة إلى الإيمان بالحقّ، لنيل مرضاته سبحانه والفوز بالسعادة الأبديّة ...ثمّ يتحدّث عن بعض الاُمم السابقة وأنبيائهم ويعكس هذه الاُسس في منهج دعوتهم.
ويبدأ بشيوخ الأنبياء وبداية سلسلة رسل الحقّ، نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، حيث يقول سبحانه: (ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذرّيتهما النبوّة والكتاب).
وممّا يؤسف له أنّ الكثيرين لم يستفيدوا من هذا الميراث العظيم، والنعم الإلهيّة الفيّاضة، والهبات والألطاف العميمة، حيث يقول عزّوجلّ: (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون).
نعم، لقد بدأت النبوّة بنوح (ع) توأماً مع الشريعة والمبدأ، ومن ثمّ إبراهيم (ع)من الأنبياء اُولي العزم في إمتداد خطّ الرسالة، وهكذا حلقات متواصلة على مرّ العصور والقرون، فإنّ القادة الإلهيين من ذريّة إبراهيم (ع) يتصدّون للقيام بمسؤولية الرسالة، إلاّ أنّ المستفيد من هذا النور الإلهي العظيم هم القلّة أيضاً، في حين أنّ الغالبية سلكت طريق الإنحراف.