التّفسير:
لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم!
إنّ حبّ الدنيا والتكالب على الأموال والإنشداد إلى الأرض، من الأسباب المهمّة التي تدفع باتّجاه النفاق، وهذا ما جعل القرآن يحذّر المؤمنين من مغبّة الوقوع في هذه المصيدة الخطيرة (ياأيّها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فاُولئك هم الخاسرون).
ورغم أنّ الأموال والأولاد من النعم الإلهية التي يستعان بها على طاعة الله وتحصيل رضوانه، لكنّها يمكن أن تتحوّل إلى سدّ يحول بين الإنسان وخالقه إذا ما تعلّق به الإنسان بشكل مفرط.
جاء في حديث عن الإمام الباقر (ع) يجسّد هذا المعنى بأوضح وجه "ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع، هذا في أوّلها وهذا في آخرها، بأسرع فيها من حبّ المال والشرف في دين المؤمن"(60).
اختلف المفسّرون في معنى "ذكر الله" ففسّرها البعض بأنّه الصلوات الخمس، وقال آخرون: إنّه شكر النعمة والصبر على البلاء والرضى بالقضاء، وقيل: إنّه الحجّ والزكاة وتلاوة القرآن، وقيل أنّه كلّ الفرائض.
ويبدو أنّ لـ (ذكر الله) معنى واسعاً يشمل كلّ تلك المصاديق.
ولهذا وصف القرآن الكريم اُولئك الذين يرحلون عن الدنيا دون أن يستثمروا نعم الله في بناء الحياة الخالدة وتعمير الآخرة بأنّهم "الخاسرون" فقد خرجوا من هذه الدنيا وهم منشغلون بالأموال والاُمور الزائلة التي لا بقاء ولا دوام لها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ﴾ لا تشغلكم ﴿عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ الصلاة وسائر الطاعات وتوجيه النهي إليها للمبالغة في نهيهم ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ اللهو بما ذكر ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ بإيثار الفاني على الباقي.