عندئذ يتذكّر هؤلاء ويطلبون العودة إلى الحياة الدنيا مهما كان الرجوع قصيراً وعابراً، ليعوّضوا ما فات، ويأتيهم الجواب (ولن يؤخّر الله نفساً إذا جاء أجلها).
وفي الآية 34 من سورة الأعراف (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
ثمّ تنتهي الآية بهذه العبارة (والله خبير بما تعملون) فقد سجل كلّ شيء عنكم وستجدونه محضراً من ثواب وعقاب.
تعقيب
1 - طريقة التغلّب على الإضطرابات والقلق
جاء في أحوال الشيخ والعالم الكبير "عبدالله الشوشتري" وهو من معاصري العلاّمة "المجلسي" أنّه كان يحبّ ولده كثيراً، فاتّفق أنّه مرض مرضاً شديداً، فلمّا حضر أبوه المرحوم الشيخ عبدالله إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة كان مشدوه البال مشتّت الشعور - وحينما بلغ قوله تعالى: (ياأيّها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) في سورة المنافقون أخذ يكرّرها مرّات عديدة، وحينما سئل بعد الفراغ عن سبب ذلك قال: لقد تذكّرت ولدي حينما بلغت هذا المقطع من السورة، فجاهدت نفسي وروّضتها بتكرار هذه الآية إلى الحدّ الذي اعتبرته ميّتاً وكأنّ جثمانه أمامي فانصرفت من الآية(62).
2 - النفاق العقائدي والنفاق العملي
للنفاق معنى واسع يشمل كلّ أنواع إختلاف الظاهر عن الباطن، ومصداقه البارز هو النفاق العقائدي الذي تتحدّث عنه سورة المنافقون.
أمّا النفاق العملي فهو وصف لحالة بعض الناس المؤمنين بالإسلام حقّاً، ولكنّهم يرتكبون أعمالا تناقض إعتقادهم، كالكذب ونقض العهد وخيانة الأمانة.
جاء في رواية عن الرّسول (ص) "ثلاث من كنّ فيه كان منافقاً، وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف"(63).
وفي حديث آخر عن الرّسول (ص) "ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق"(64).
وفي حديث آخر عن الإمام علي بن الحسين (ع) "إنّ المنافق ينهى ولا ينتهى، ويأمر بما لا يأتي"(65).
اللهمّ، إنّ دائرة النفاق واسعة، ولا نجاة لنا منه دون لطفك ورحمتك فأعنّا على ذلك.
ربّنا، اجعلنا من الذين لا تأكلهم الحسرة عند توديعهم لهذه الدنيا.
اللهمّ، إنّ العزّة لك ولأوليائك، وخزائن السموات والأرض لك لا لغيرك.
فأنزل علينا من بركاتك، ولا تحرمنا من فيض خزائنك.
أمين ياربّ العالمين
نهاية سورة المنافقين
﴿وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا﴾ منتهى عمره ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء والياء لا يخفى عليه شيء.