ثمّ يشير تعالى إلى عقابهم الاُخروي بقوله: (أعدّ الله لهم عذاباً شديداً) عذاباً مؤلماً، مخيفاً، مذلا، فاضحاً، دائماً أعدّه لهم منذ الآن في نار جهنّم.
والآن (فاتّقوا الله يا اُولي الألباب الذين آمنوا).
إنّ الفكر والتفكّر من جهة، والإيمان والآيات الإلهية من جهة اُخرى، تحذّركم وتدعوكم لملاحظة مصائر الأقوام السابقة المتمرّدة التي عصت أمر ربّها، والإعتبار بذلك والحذر من أن تكونوا مثلهم، فقد ينزل عليكم الله غضبه وعذابه الذي لم يسبق له مثيل إضافة إلى عذاب الآخرة.
وبعد ذلك يخاطب الله تعالى المؤمنين الذين يتفكّرون في آيات الله بقوله: (قد أنزل الله إليكم ذكراً) وهو الشيء الذي يوجب تذكركم.
﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ كرر الوعيد تأكيدا وقيل الأول حساب الدنيا وعذابها وهو إحصاء ذنوبهم عند الحفظة وإهلاكهم بصيحة ونحوها ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ مرتب على الوعيد فإنه موجب للتقوى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ صفة المنادى أو بيان له ﴿قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا﴾ محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) سمي لتبليغه الذكر وهو القرآن أو مبالغة في كونه ذكرا أو مذكورا أو أريد بإنزاله إرساله.