ثمّ يضيف تعالى مستعرضاً شدّة غضب (جهنّم) وشدّة هيجانها وإنزعاجها بقوله تعالى: (تكاد تميّز من الغيظ)(155).
إنّها حرارة هائلة جدّاً ونار حارقة مزمجرة كما لو وضعنا إناء كبير على نار محتدمة فانّه لا يلبث أن يفور ويغلي بشكل يكاد فيه أن يتلاشى ويذوب، أو كإنسان يكاد أن يتفجّر من شدّة الغضب والثورة والإنفعال، هكذا هو منظر جهنّم، مركز الغضب الإلهي.
ثمّ يستمرّ تعالى بقوله: (كلّما اُلقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير).
فلماذا إذن أوقعتم أنفسكم في هذا المصير البائس، وهذا البلاء العظيم والساعة الرهيبة، إنّ الملائكة (خزنة جهنّم) يستغربون ويكادون أن يصعقوا لما أصابكم وما أوقعتم به أنفسكم، في مثل هذه الداهية مع الوعي الذي حباكم به الله سبحانه وما تفضّل به عليكم من نعمة الرسل الإلهيين والقادة من الأنبياء والمرسلين... فكيف اخترتم لأنفسكم مقرّاً كهذا؟
﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ﴾ تتميز أي تتقطع ﴿مِنَ الْغَيْظِ﴾ غضبا عليهم ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ جماعة منهم ﴿ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ توبيخا ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ ينذركم هذه النار.