التّفسير:
خالق الوجود عليم بأسراره:
بعد ما بيّنا - في الأبحاث التي تناولتها الآيات السابقة - مصير الكفّار يوم القيامة، فإنّ القرآن الكريم يتناول في الآيات مورد البحث حالة المؤمنين وجزاءهم العظيم عند الله سبحانه... يقول في البداية: (إنّ الذين يخشون ربّهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير).
"الغيب" هنا إشارة لمعرفة الله تعالى غير المرئية، أو الإشارة إلى المعاد غير المشاهد، أو يقصد به الأمران معاً.
كما يحتمل أن يكون إشارة إلى الخوف من الله تعالى بسبب ما عمل الإنسان من خطايا وذنوب في السرّ، ذلك أنّ الإنسان إذا لم يقترف ذنوباً في السرّ، فإنّه لن يجرأ عليها في العلانية.
ويحتمل أن يكون هذا التعبير إشارة إلى خلوص النيّة في الإبتعاد عن الذنوب والمعاصي، والإلتزام بالأوامر الإلهية، إذ أنّ العمل السرّي يكون أبعد عن الرياء.
كما لا مانع من الجمع بين هذه الآراء.
التعبير بـ (مغفرة) بصورة (نكرة)، وكذلك (أجر كبير) إشارة إلى عظمته وأهميّته، إذ أنّ هذه المغفرة وهذا الأجر من العظمة أنّه غير معروف ولا واضح للجميع.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ﴾ غائبا عنهم لم يروه أو غائبين عن أعين الناس لم يراءوهم ﴿لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ عظيم.