واستمراراً لهذا البحث، يضيف تعالى: (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكّلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين).
وهذا يعني أنّنا إذا آمنا بالله، واتّخذناه وليّاً ووكيلا لنا، فإنّ ذلك دليل واضح على أنّه الربّ الرحمن، شملت رحمته الواسعة كلّ شيء، وغمر فيض ألطافه ونعمه الجميع (المؤمن والكافر)، إنّ نظرة عابرة إلى عالم الوجود وصفحة الحياة تشهد على هذا المدّعى، أمّا الذين تعبدونهم من دون الله فماذا عملوا؟ وماذا صنعوا؟
وبالرغم من أنّ ضلالكم واضح هنا في هذه الدنيا، إلاّ أنّه سيتّضح بصورة أكثر في الدار الآخرة.
أو أنّ هذا الضلال وبطلان دعاواكم الفارغة ستظهر في هذه الدنيا عندما ينتصر الإسلام بالإمدادات الإلهية على جيش الكفر بشكل إعجازي وخارق للعادة، عندئذ ستتبيّن الحقيقة أكثر للجميع.
إنّ هذه الآية - في الحقيقة - نوع من المواساة للرسول الأكرم (ص)والمؤمنين، كي لا يظنّوا أو يتصوّروا أنّهم وحدهم في هذا الصراع الواسع بين الحقّ والباطل، حيث أنّ الرحمن الرحيم خير معين لهم ونعم الناصر.
﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ﴾ أي الذي أدعوكم إليه مولى جميع النعم ﴿آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ لا على غيره ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ أنحن أم أنتم.