ثمّ تبيّن الآية التالية وصفاً آخر لهذه الرياح المدمّرة، حيث يقول تعالى: (سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيّام حسوماً).
"حسوماً" من مادّة (حسم) على وزن (رسم) بمعنى إزالة آثار شيء ما، وقيل للسيف (حسام) على وزن (غلام)، ويقال: (حسم) أحياناً لوضع الشيء الحارّ على الجرح للقضاء عليه من الأساس.
لقد حطّمت وأفنت هذه الريح المدمّرة في الليالي السبع والأيّام الثمانية جميع معالم حياة هؤلاء القوم، والتي كانت تتميّز بالاُبّهة والجمال، واستأصلتهم من الجذور(235).
ويصوّر لنا القرآن الكريم مآل هؤلاء المعاندين بقوله تعالى: (فترى القوم فيها صرعى كأنّهم أعجاز نخل خاوية).
إنّه لتشبيه رائع يصوّر لنا ضخامة قامتهم التي إقتلعت من الجذور، بالإضافة إلى خواء نفوسهم، حيث أنّ العذاب الإلهي جعل الريح تتقاذف أجسادهم من جهة إلى اُخرى.
"خاوية" من مادّة (خواء) على وزن (حواء) في الأصل بمعنى كون الشيء خالياً، ويطلق هذا التعبير أيضاً على البطون الجائعة، والنجوم الخالية من المطر (كما في إعتقاد عرب الجاهلية)، وتطلق كذلك على الجوز الأجوف الفارغ من اللب.
﴿سَخَّرَهَا﴾ سلطها ﴿عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾ أولها صبح الأربعاء وهي أيام العجوز لوقوعها عجز الشتاء أو لأن عجوزا من عاد دخلت سربا فانتزعتها الريح فقتلتها ﴿حُسُومًا﴾ متتابعات ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ﴾ لو حضرتهم ﴿فِيهَا﴾ أي في الليالي أو الأيام ﴿صَرْعَى﴾ ملقين هلكى ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ﴾ أصول ﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ نخرة ساقطة.