التّفسير:
الصّيحة العظيمة:
استمراراً لما تعرّضت له الآيات الاُولى من هذه السورة، والتي كانت تتعلّق بمسألة الحشروالقيامة، تعرض لنا هذه الآيات صورة عن الحوادث العظيمة في ذلك اليوم الرهيب باُسلوب محرّك ومؤثّر في النفوس كي تحيط الإنسان علماً بما ينتظره من حوادث ذات شأن كبير في ذلك الموقف الرهيب.
يقول تعالى في البداية: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة).
لقد بيّنا فيما سبق أنّ ممّا يستفاد من القرآن الكريم أنّ نهاية عالم الدنيا وبداية عالم الآخرة تكون بصوت مفاجىء عظيم، وذلك ما عبّر عنه بـ (نفخة الصور).
ولهذا السبب استعمل البوق في الماضي والحاضر للإستفادة منه في جمع وتهيئة الجيوش، وكذلك في الإعلان عن موعد الإستراحة، حيث يتمّ العزف بألحان مختلفة حسب طبيعة الموضوع.
الذي يعلن عنه، فالعزف للنوم والإستراحة يختلف عن عزف التجمّع والتهيّؤ للحركة والتدريب... إنّ مسألة انتهاء هذا العالم، وبداية العالم الجديد عالم الآخرة، هي عند الله بسيطة وهيّنة في مقابل قدرته العظيمة، فبأمر واحد وفي لحظة مفاجئة ينتهي ويفنى من في السموات والأرضين، وبأمر آخر يلبس سبحانه الجميع لباس الحياة ويستعدّون للحساب، وهذا هو مقصود الآية الكريمة.
لقد تحدّثنا بصورة مفصّلة حول خصوصيات (الصور) وكيفية (النفخ) فيه، وعدد النفخات، والفاصلة الزمنية بين كلّ نفخة، وذلك في تفسير سورة (الزمر) الآية 68 من التّفسير الأمثل، لذا لا نرى ضرورة لتكرار ذلك.
والشيء الوحيد الذي نذكّر به هنا هو (نفخة الصور) وكما أشرنا أعلاه فهي (نفختان): (نفخة الموت)، و (نفخة الحياة الجديدة)، لكن هل المقصود في هذه الآية الكريمة هو (النفخة الاُولى) أم (الثانية)؟ فهذا ما لا يوجد فيه رأي موحّد بين المفسّرين، لأنّ الآيات التي ستأتي لاحقاً بعضها يتناسب مع نفخة الموت، والآخر يتناسب مع نفخة الحياة والحشر، إلاّ أنّ منطوق الآيات بشكل إجمالي في رأينا تتناسب أكثر مع النفخة الاُولى التي تحصل فيها نهاية عالم الدنيا.
﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ هي الأولى أو الثانية