ثمّ يضيف تعالى: (وحملت الأرض والجبال فدكتّا دكة واحدة).
"دكّ" كما يقول الراغب في المفردات، وفي الأصل بمعنى (الأرض المستوية) ولأنّ الأرض غير المستوية تحتاج إلى الدك حتّى تستوي، لذا استعمل هذا المصطلح في الكثير من الموارد بمعنى "الدق الشديد".
كما يستفاد من مصادر اللغة أنّ أصل معنى (دك) هو (الدقّ والتخريب) ولازم ذلك الإستواء، لذا استعمل هذا المصطلح في هذا المعنى أيضاً(239).
وعلى كلّ حال فإنّ المقصود من هذه الكلمة - في الآية مورد البحث - هو الدقّ الشديد للجبال والأراضي اللامستوية بعضها ببعض بحيث تستوي وتتلاشى فيها جميع التعرجات.
ثمّ يضيف تعالى: (فيومئذ وقعت الواقعة).
في ذلك اليوم العظيم لا تتلا شى فيه الأرض والجبال فحسب، بل يقع حدث عظيم آخر، وذلك قوله تعالى: (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية) وذلك بيان لما تتعرّض له، الأجرام السماوية العظيمة من إنفلاقات وتناثر وتلاشي، حيث تضطرب هذه الأجرام الهائلة وتتحوّل فيها النظام إلى فوضى والتماسك إلى ضعف، والإستحكام إلى خواء بشكل عجيب.
﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ رفعت من أماكنها ﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ بعضها ببعض فصارتا هباء أو قاعا صفصفا.