(ولم أدر ما حسابيه ياليتها كانت القاضية)(255).
نعم، في ذلك اليوم العظيم، يوم البعث ويوم البروز والظهور، يوم الحساب والمحكمة الإلهية العظيمة، حيث تتوضّح وتنكشف حقيقة الأعمال القبيحة والسيّئة للإنسان... وعندما يواجهها يبدأ يجأر ويصرخ ويطلق الزفرات الساخنة المتلاحقة من الأعماق على المصير السيء الذي أوصل نفسه إليه، والشرّ الذي جلبه عليها، ويتمنّى أن يقطع علاقته بماضيه الأسود تماماً، ويتمنّى أن يموت ويفنى ويتخلّص من هذه الفضيحة الكبيرة المهلكة، ويعبّر عن هذا الشعور قوله تعالى: (ويقول الكافر ياليتني كنت تراباً)(256)
وذكرت تفاسير اُخرى - أيضاً - لمعنى قوله: (ياليتها كانت القاضية) منها أنّ المقصود من (القاضية) هي الموتة الاُولى، يعني ياليتنا لم نحي مرّة اُخرى ونبعث من جديد، في حين كان أقبح شيء في نظرهم هو الموت، ويتمنّى هؤلاء أن لو استمرّ موتهم ولم يواجهوا الخزي في حياتهم الثانية في المحكمة الإلهية العادلة.
وقيل أنّ المقصود من "القاضية" (نفخة الصور) الاُولى حيث عبّر عنها بـ (القارعة) أيضاً، ويعني ذلك تمنّيهم عدم حدوث النفخة الثانية، لذا فهم يقولون: ياليت لم تكن هذه النفخة، إلاّ أنّ التّفسير الذي تحدّثنا عنه في البداية أنسب من الجميع.
﴿وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ﴾.