(ولا يحضّ على طعام المسكين).
وبهذا الشكل فإنّ هؤلاء قد قطعوا علاقتهم مع (الخلق) أيضاً.
وبهذا اللحاظ فإنّ العامل الأساسي لبؤس هؤلاء المجرمين هو قطع علاقتهم مع (الخالق) و (الخلق).
ويستفاد من التعبير السابق - بصورة واضحة - أنّه يمكن تلخيص أهمّ الطاعات والعبادات وأوامر الشرع بهذين الأساسين: (الإيمان) و (إطعام المسكين) وهذا يمثّل إشارة إلى الأهميّة البالغة لهذا العمل الإنساني العظيم والحقيقة كما يقول البعض: إنّ أردأ العقائد هو (الكفر) كما أنّ أقبح الرذائل الأخلاقية هو (البخل).
والطريف في التعبير أنّه لم يقل (كان لا يطعم)، بل قال: كان لا يحثّ الآخرين على الإطعام، إشارة إلى:
أوّلا: إنّ حلّ مشكلة المحتاجين وإشباع الجائعين لا يمكن أن يتغلّب عليها شخص واحد، بل يجب دعوة الآخرين أيضاً للمساهمة بمثل هذا العمل، ليعمّ الخير والفضل والإحسان جميع الناس.
ثانياً: قد يكون الشخص عاجزاً عن إطعام المساكين، ولكن الجميع بإمكانهم حثّ الآخرين على ذلك.
ثالثاً: محاربة صفة البخل، حيث أنّ من صفات البخيل أنّه يمتنع عن العطاء والبذل، ولا يرغب أو يرتاح لبذل وعطاء الآخرين أيضاً.
وينقل أنّ شخصاً من القدماء كان يأمر زوجته بأن تطبخ طعاماً أكثر من حاجتهم لإعطاء المساكين، ثمّ كان يقول: (أخرجنا نصف السلسلة من أعناقنا وذلك بالإيمان بالله، والنصف الآخر بالإطعام)(259).
﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ لا يحث على إطعامه.