لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وتصف الآية الاُخرى من ينزل العذاب منه، وهو اللّه ذي المعارج فتقول الآية: (من اللّه ذي المعارج)، أي صاحب السماء التي يعرج إليها الملائكة. "المعرج" جمع "معرج" بمعنى المصعد أو المكان الذي منه يصعدون، إذ أنّ اللّه جعل للملائكة مقامات مختلفة يتوجهون بها إلى قربه بالتدريج، وقد وصف اللّه تعالى بذي المعارج. نعم، الملائكة المأمورون بتعذيب الكفّار والمجرمين، والذين هبطوا على إبراهيم (ع)، وأخبروه بأنّهم قد أُمروا بإبادة قوم لوط، وفعلوا ذلك إذ قلبوا بلاد أُولئك القوم الفاسقين رأساً على عقب، وهم الذين أُمروا كذلك بتعذيب المجرمين الباقين. وقيل المراد بـ (المعارج) الفضائل والمواهب الإلهية، وقيل المراد بها (الملائكة)، ولكن المعنى الأوّل هو أنسب، وهو ملائم للمفهوم اللّغوي. ملاحظة: إشكالات المعاندين الواهية! كثيراً ما نرى في مورد الآيات أو الرّوايات التي تذكر فضائل أمير المؤمنين (ع) إصرار البعض إلى حدّ ما في أن يغضّ النظر عنها، أو يقوم بتوجيهها توجيهاً محرّفاً ويدقق في أمرها بوسوسة بالغة، في حين أنّ هذه الفضائل لو كانت واردة في الآخرين لقبلوها بسهولة وبساطة. النموذج الحي الكلام هو الإشكالات السباعية التي ذكرها ابن تيمية في كتابه (منهاج السنّة) في أحاديث مروية في أسباب نزول الآيات المذكورة وهي: 1 - حديث قصّة يوم الغدير بعد رجوع الرّسول (ص) من حجّة الوداع أي في السنة العاشرة للهجرة، في حين أنّ السورة المعارج من السور المكّية وقد نزلت قبل الهجرة. الجواب: كما بيّنا من قبل فإنّ كثيراً من السور تسمّى مكّية في حين أنّ بعض آياتها مدنية كما يقول المفسّرون، وبالعكس فإنّ هناك سوراً مدنية نزلت بعض آياتها في مكّة. 2 - جاء في الحديث أنّ (الحارث بن النعمان) حضر عند النّبي في (الأبطح)، والمعروف أنّ (الأبطح)، واد في مكّة، وهذا لا يتفق مع نزول الآية بعد حادثة الغدير. الجواب: إنّ كلمة الأبطح وردت في بعض الرّوايات، لا كلّ الرّوايات، كما أنّ الأبطح والبطحاء تعني كل أرض صحراء رملية وتجري فيها السيول، وكذلك هناك مناطق في المدينة تسمّى بالأبطح والبطحاء، وقد أشار العرب إلى ذلك في كثير من أقوالهم وأشعارهم. 3 - المشهور أنّ آية: (وإذ قالوا اللّهم إن كان هذا و الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء). الجواب: ليس منّا من يقول: إنّ حادثة الغدير هي سبب نزول تلك الآية، بل الحديث هو في آية: (سأل سائل بعذاب واقع) وأمّا الآية (33) من سورة الأنفال فهي أنّ الحارث بن النعمان قد استخدمها في كلامه، وهذا لا يرتبط بأسباب النزول، ولكن العصبية المفرطة تجعل الانسان غافلاً عن هذا الموضوع الواضح. 4 - يقول القرآن المجيد: (وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون) الأنفال الآية (33)، تقول الآية: لم ينزل العذاب أبداً ما دام الرسول فيهم. الجواب: المعروف أنّ العذاب العام والجماعي مرفوع عن الأُمّة لأجل الرسول (ص)، وأمّا العذاب الخاص والفردي فقد نزل مراراً على بعض الأفراد، والتاريخ الإسلامي شاهد على أنّ أُناساً معدودين مثل "أبي زمعة" و"مالك بن طلالة" و"الحكم بن أبي العاص" وغيرهم قد ابتلوا بالعذاب للعن الرسول (ص) لهم أو بدون ذلك. بالإضافة إلى ذلك فإنّ الآية السالفة لها تفاسير أُخرى، وطبقاً لذلك فإنّ لا يمكن الإستدلال بها في المكان (راجع التّفسير الأمثل ذيل الآية 33 الأنفال). 5 - إذا كان سبب النزول هذا صحيحاً فلابدّ أن يكون معروفاً كقصّة أصحاب الفيل؟ الجواب: إنّ سبب النزول لهذه الآية معروف ومشهور، كما أشرنا من قبل، إلى حدّ ألّف فيه ثلاثون كتاباً من كتب التّفسير والحديث، والعجيب بعدئذ أن نتوقع من حادثة خاصّة أن تعطي انعكاساً وأثراً كقصّة أصحاب الفيل، في حين أنّ تلك القصّة كانت لها صفة عامّة، وقد استولت على أنحاء مكّة، واُبيدت فيها جيوش كبيرة، وأمّا قصّة الحارث بن النعمان، فإنّها كانت تخصّ فرداً واحداً فقط!. 6 - ما يستفاد من هذا الحديث هو أنّ الحارث بن النعمان كان معتقداً باُسس واُصول الإسلام، فكيف يمكن لمسلم يعاصر النّبي (ص) أن يبتلى بمثل هذا العذاب؟ الجواب: هذا الإحتجاج ناشيء أيضاً من التعصب الأعمى، لأنّ الأحاديث المذكورة سلفاً تشير إلى أنّه لم ينكر نبوةّ الرسول (ص) فحسب، بل أنّه أنكر حتى الشهادة بالوحدانية، واعترض على الأمر الإلهي الذي صدر للرّسول (ص) في حقّ علي (ع) وهذا يدل على أشدّ مراحل الكفر والإرتداد. 7 - لا نجد إسماً للحارث بن النعمان في الكتب المشهورة كالإستيعاب الذي جاء فيه ذكر الصحابة. الجواب: ما جاء في هذا الكتاب ومثله من ذكر الصحابة يرتبط فقط بقسم من الصحابة، فمثلاً في كتاب (اُسد الغابة) الذي يعدّ من أهم الكتب وفيه يذكر أصحاب الرّسول (ص) قد عدّ منهم فقط سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسين صحابياً، في حين أننا نعلم أنّ الجمع الذي كان حاضراً عند النّبي (ص) في حجّة الوداع مائة ألف أو يزيدون، وممّا لا شك فيه أنّ كثيراً من أصحاب الرّسول (ص) لم يأت ذكرهم في هذه الكتب. ﴿مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ﴾ المصاعد وهي السموات لعروج الملائكة فيها أو درجات الجنة أو الفواضل العالية