ثمّ ذكر النتائج المهمّة المترتبة على استجابتهم الدعوة في جملتين لترغيبهم فقال: (يغفر لكم من ذنوبكم).(1)
في الحقيقة أنّ القاعدة المعروفة "الاسلام يجب ما قبله" هي قانون موجود في كل الأديان الإلهية والتوحيدية وليست منحصرة بالإسلام.
ثمّ يضيف: (ويؤخركم إلى أجل مسمّى إنّ أجل اللّه إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون)، يستفاد جيداً من هذا الآية أنّ "الأجل" وموعد عمر الإنسان قسمان، هما: الأجل المسمّى، والأجل النهائي، أو بعبارة أُخرى الأجل الأدنى، والأجل الأقصى أو الأجل المعلق، والأجل الحتمي، القسم الأوّل للأجل قابل للتغير والتبديل، فقد يتدنى ويقل عمر الفرد كثيراً بسبب الذنوب والاعمال السيئة وهذا نوع من أنواع العذاب الإلهي، وبالعكس فإنّ التقوى وحسن العمل والتدبير يمكن أن تكون سبباً لتأخير الأجل، ولكن الأجل النهائي لا يتغير بأي حال من الأحوال، ويمكن توضيح هذا الموضوع بمثال واحد، وهو أنّه ليس باستطاعة الإنسان أن يبقى خالداً، وإذا كانت جميع الأجهزة البدنية تعمل جيداً ففي النهاية سوف يصل شيئاً فشيئاً إلى زمن ينتهي عمره بعجز في القلب، ولكن تطبيق الأوامر الصحية ومجابهة الأمراض يمكن أن يطيل في عمر الإنسان، وفي حالة عدم مراعاة هذه الأُمور فإنّ من المحتمل أن يقلل ذلك من عمر وينهي عمره بسرعة.(2)
ملاحظة:
العوامل المعنوية لزيادة ونقصان العمر:
النقطة الأُخرى التي يمكن إستفادتها من هذه الآية هو تأثير الذنوب في تقصير العمر، لأنّه يقول: "إنّ كنتم تؤمنون باللّه وتتقوه يهب لكم عمراً طويلاً ويؤخر موتكم" وهذا يعني أنّ الذنوب توجّه ضربات مهولة للجسم والروح بحيث تساعد في القضاء عليه.
وفي الرّوايت الإسلامية أيضاً تأكيد كبير على هذا المعنى، منها ما ورد في حديث غني المحتوى عن الامام الصادق (ع) قال: "من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال، ومن يعيش بالإحسان أكثر ممن يعيش بالأعمار".(3)
(يغفر لكم من ذنوبكم) أي بعضها مما سوى حق الناس (ويؤخركم إلى أجل مسمى) هو الأقصى المشروط بالإيمان فلم يخترمكم قلبه بالاستئصال (إن أجل الله) المسمى عنده (إذا جاء لا يؤخر) فبادروا وقت الإمهال (لو كنتم تعلمون) ذلك أو من أهل العلم لعلمتم صحته.