لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ويقول أيضاً: (وقد خلقكم أطواراً). كنتم في البداية نطفة لا قيمة لها، ثمّ صوركم علقة ثمّ مضغة، ثمّ وهبكم الشكل الإنساني، ثمّ ألبسكم لباس الحياة، فوهب لكم الروح والحواس والحركة، وهكذا طويتم المراحل الحنينية المختلفة الواحدة بعد الاُخرى، حتى ولدتكم أُمهاتكم بهيئة الإنسان الكامل، وهكذا تستمر المراحل الأُخرى والمختلفة للمعيشة في الحياة، وأنتم خاضعون دائماً لربوبيته تعالى، وتتجددون دائماً، وتخلقون خلقاً جديداً، فكيف لا تطأطئوا رؤوسكم أمام خالقكم؟ ولستم تتخذون أشكالاً مختلفة من جهة الجسم، بل أنّ الروح هي أيضاً في تغيّر مستمر، لكلّ منكم استعداده الخاص، ففي كل رأس ذوق خاصّ، وفي كل قلب جحّ خاصّ، وكلكم تتغيرون باستمرار، فتنتقل مشاعر وأحاسيس الطفولة إلى أحاسيس الشبيبة، وهذه بدورها إلى الكهولة والشيخوخة، وعلى هذا فإنّه معكم في كلّ مكان هو يهديكم في كل خطوة ويشملكم بلطفه وعنايته، فلم كل هذا الكفران والإستهانة؟! ملاحظة: الرّابطة بين التقوى والعمران: نستفيد من الآيات المختلفة في القرآن، ومنها الآيات التي هي محل بحثنا، أنّ الإيمان والعدالة سبب لعمران المجتمعات، والكفر والظلم والخطايا سبب للدمار، نقرأ في الآية (96) من سورة الأعراف: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). وفي الآية (41) من سورة الروم نقرأ: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) وفي الآية (30) من سورة الشورى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وفي الآية (66) من سورة المائدة: (ولو أنّهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربّهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). وآيات أُخرى من هذا القبيل. هذه الرابطة ليست رابطة معنوية، بل هناك رابطة مادية واضحة في هذا المجال أيضاً. الكفر وعدم الإيمان هو عين الإحساس بالمسؤولية، وهو الخروج عن القانون، وتجاهل القيم الأخلاقية، وهذه الأُمور هي التي تسبب فقدان وحدة المجتمعات، وتزلزل أعمدة الإعتماد والطمأنينة، وهدر الطاقات البشرية والإقتصادية، واضطراب العدالة الإجتماعية. ومن البديهي أنّ المجتمع الذي تسيطر عليه هذه الأُمور سوف يتراجع بسرعة، ويتخذ طريقه إلى السقوط والفناء. وإذا كنّا نرى أنّ هناك مجتمعات تحظى بتقدم نسبي في الأُمور المادية مع كفرهم وانعدام التّقوى فيهم، فإنّ علينا أن نعرف أيضاً أنّه لابدّ أن يكون ذلك مرهوناً بالمحافظة النسبية لبعض الاُصول الأخلاقية، وهذا هو حصيلة ميراث الأنبياء والسابقين، ونتيجة أتعاب القادة الإلهيين والعلماء على طول القرون، وبالإضافة إلى الآيات السالفة هناك روايات كثيرة أيضاً اعتمدت هذا المعنى، وهو أنّ الإستغفار وترك المعاصي يبعث على إصلاح المعيشة وازدياد الرّزق. ففي حديث ورد عن الإمام علي (ع): "أكثر الإستغفار تجلب الرّزق" (3). ونقل في حديث آخر عن الرّسول الأكرم (ص) قال: "من أنعم اللّه عليه نعمة فليحمد اللّه تعالى ومن استبطأ الرّزق فليستغفر اللّه، ومن حزنه أمر فيقل: لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه" (4). ونقرأ في نهج البلاغة أيضاً (5): "وقد جعل اللّه سبحانه الإستغفار سبباً على الرّزق ورحمة الخلق، فقال سبحانه: (استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً يرسل السماء عليكم مدراراً). والحقيقة أنّ الحرمان في هذا العالم سببه العقوبات على الذنوب، وفي الوقت الذي يتوب فيه الإنسان ويتخذ طريق الطهارة والتقوى يصرف اللّه تعالى عنه هذه العقوبات (6). (وقد خلقكم أطوارا) نطفة ثم علقة إلى آخره أو أحوالا أي مختلفين أصنافا وأوصافا.